وقيل: تكون كالوَرْدِ الأحْمَرِ، وقيل (١): الدِّهانُ: الأدِيمُ الأحمرُ، وقال قتادة (٢): هي اليومَ خَضْراءُ كما تَرَوْنَ، ولها يوم القيامة لَوْنٌ آخِذٌ إلى الحُمْرةِ، "كالدِّهانِ" جمع دُهْنٍ، والدُّهْنُ ألْوانٌ، شَبَّهَ السماءَ بألوانه.
[فصل]
رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه مَرَّ على شابٍّ في جوف الليل وهو يقرأ هذه الآية:{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، فوقف الشّابُّ، وخَنَقَتْهُ العَبْرةُ، وجَعَلَ يقول: وَيْحِي من يَوْمٍ تَنْشَقُّ فيه السماءُ وَيْحِي! فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لقد بَكَتِ الملائكةُ من بُكائِكَ"(٣).
قوله تعالى:{فَيَوْمَئِذٍ} يعني يوم القيامة {لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)} قال الحَسَنُ: لا يُسْألُونَ عن ذُنُوبِهِمْ؛ لأن اللَّه تعالى عَلِمَها منهم وحَفِظَها عليهم، وكَتَبَتِ الملائكةُ أقْوالَهُمْ وأفْعالَهُمْ، فلا يُسْألُونَ سُؤالَ استفهام، ولكنْ يُسْألُونَ سُؤالَ تَقْرِيعٍ وتَوْبِيخٍ.
قوله:{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} هو سَوادُ الوُجُوهِ وزُرْقةُ الأعْيُنِ {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} تُجْعَلُ الأقدامُ مَضْمُومةً إلى النَّواصِي مِنْ خَلْفٍ ويُلْقَوْنَ فِي النار، ثم يُقالُ لهم: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)}؛ أي: نَضِيجٍ حارٍّ، قد انتهى حَرُّهُ، ومعنى الآية أنهم يَسْعَوْنَ بين
(١) حكاه ابن قتيبة والسجستانِيُّ بغير عزو، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٣٩، غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٢، وحكاه ابن الجوزي عن ابن عباس في زاد المسير ٨/ ١١٨. (٢) ينظر قوله في جامع البيان ٢٧/ ١٨٤، إعراب القرآن ٤/ ٣١٢، الوسيط ٤/ ٢٢٣، تفسير القرطبي ١٧/ ١٧٣. (٣) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٨٨، تفسير القرطبي ١٧/ ١٧٦، الدر المنثور ٦/ ١٤٥.