المعنى: نبعَثُ الخلقَ كما بدأناه؛ أي: قُدرتُنا على الإعادة كقدرتنا على الابتداء، والخلق هاهنا: مصدرٌ، لا بمعنى المخلوق.
قوله:{وَعْدًا عَلَيْنَا} نصبٌ على المصدر؛ أي: وَعَدناكم ذلك وعدًا علينا (١) {إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} الإعادةَ والبعثَ.
فصلٌ
عن عائشةَ -رضي اللَّه عنها- قالت: دَخَلَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعندي عجوزٌ من بني عامر، فقال:"مَنْ هذه العجوزُ يا عائشةُ؟ "، فقلتُ: إحدى خالاتِي، فقالت العجوزُ: ادْعُ اللَّهَ أن يُدخلَني الجنةَ، فقال لها:"إنّ الجنةَ لا يَدْخُلُها العُجُزُ"، فأخَذ العجوزَ ما أخَذَها، فقال -عليه السّلام-: "إنّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- يُنْشِئُهُنَّ خَلْقًا غيرَ خَلْقِهِنَّ، قال اللَّه تعالى:{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً. . .} الآيةَ (٢)، قال: "إنكم تُحشَرون يومَ القيامة عُراةً حُفاةً غُرْلًا غُلْفًا، فأولُ من يُكْسَى إبراهيمُ عليه السّلام خليلُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (٣)"، فقالت عائشةُ -رضي اللَّه عنها-: واسَوْأَتاه! أفلا يَحتشمُ الناسُ بعضهم بعضًا؟! فقال:{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(٤)، ثم قَرأَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} كيومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(٥).
(١) يعني أنه مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة الخبرية قبله، ينظر: التبيان ص ٩٢٩، البحر المحيط ٦/ ٣١٨. (٢) الطور ٣٥، والحديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط ٥/ ٣٥٧، وينظر: الشمائل المحمدية ص ٢٠٠، الكشف والبيان ٦/ ٣١٢. (٣) في الأصل: "إبراهيم خليل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ". (٤) عبس ٣٧. (٥) هذا حديث آخرُ، رواه الإمام أحمد بسنده عن السيدة عائشة في المسند ٦/ ٥٣، ٩٠، والبخاري في صحيحه ٧/ ١٩٥ كتاب الرقاق/ باب الحشر، ومسلمٌ في صحيحه ٨/ ١٥٦ كتاب الجنة وصفة نعيمها/ باب فناء الدنيا.