قال عَرْفَجةُ (١): كُنّا عند ابن مسعودٍ، فَقَرَأ هذه الآيةَ، فقال لنا:"أتَدْرُونَ لِمَ آثَرُوا الحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الآخِرةِ؟ قُلْنا: لا، قال: إنَّ الدُّنْيا أُحْضَرَتْ، وَعُجِّلَ لَنا طَعامُها وَشَرابُها وَنِساؤُها وَلَذَّتُها وَبَهْجَتُها، وَإنَّ الآخِرةَ غُيِّبَتْ عَنّا وَزُوِيتْ عَنّا، فَأخَذْنا العاجِلَ، وَتَرَكْنا الآجِلَ"(٢).
[فصل]
عن أبِي موسى الأشْعَرِيِّ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أحَبَّ دُنْياهُ أضَرَّ بِآخِرَتهِ، وَمَنْ أحَبَّ آخِرَتَهُ أضَرَّ بِدُنْياهُ، فآثِرُوا ما يَبْقَى عَلَى ما يَفْنَى"(٣).
قوله:{إِنَّ هَذَا} يعني الذي ذُكِرَ في هذه السورة {لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} يعني الكُتُبَ الأُولَى، واحدتها صحيفة، ثم بَيَّنَ ما هي فقال:{صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} يعني كُتبًا أُنْزِلَتْ على إبراهيم وَتَوْراةِ مُوسَى، وقال عكرمة (٤): هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى، وقال السُّدِّيُّ (٥): نزلت
(١) هو عَرْفَجةُ بنُ عبد اللَّه الثَّقَفِيُّ، وقيل: السُّلَمِي الكُوفِيُّ، تابعيٌّ ثقةٌ، رَوَى عن عَلِيّ بن أبي طالب وابنِ مسعودٍ وعائشةَ -رضي اللَّه عنهم-. [الثقات ٥/ ٢٧٣، ٢٧٤، تهذيب الكمال ١٩/ ٥٥٧ - ٥٥٧]. (٢) رواه الطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٩/ ٢٣٤، وينظر: جامع البيان ٣٠/ ١٩٧، الكشف والبيان ١٠/ ١٨٦، الوسيط ٤/ ٤٧٢. (٣) رواه الإمام أحمد في مسنده ٤/ ٤١٢، والحاكم في المستدرك ٤/ ٣٠٨، ٣١٩ كتاب الرقاق، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٣٣/ أ، الوسيط ٤/ ٤٧٢. (٤) ينظر قوله في جامع البيان ٣٠/ ١٩٧، إعراب القرآن ٥/ ٢٠٨، الوسيط ٤/ ٤٧٢، زاد المسير ٩/ ٩٣، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٤. (٥) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ٢٣٣/ أ، الوسيط ٤/ ٤٧٢، زاد المسير ٩/ ٩٣.