وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قرأ سورةَ الأنبياء -عليهم السَّلام- لم يدخُل النارَ، يعمل ما شاء إذا لم يُشْرِكْ باللَّه تعالى"(١).
بابُ ما جاء فيها من الإعراب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} يعني: محاسبةَ اللَّهِ إياهم على أعمالهم، قيل: اللام بمعنى "مِنْ"، يعني: اقترب من الناس حسابُهُمْ، ولا يجوز في الكلام: اقترب حسابُهم للناس؛ لئلّا يُقَدَّمَ مُضْمَرٌ على مُظْهَرٍ لا يجوز أن يُنْوَى فيه التأخيرُ (٢)، و"اقْتَرَبَ": "افْتَعَلَ" من القُرْبِ، يقال (٣): قَرُبَ الشيءُ واقْتَرَبَ بمعنًى واحدٍ.
قوله:{وَهُمْ} واو الحال {فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١)} عن التفكرِ فيه والتأهبِ له بالإيمان بمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- والقرآنِ، نزلت هذه الآيةُ فيمن أنكر البعثَ.
قوله:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} الخَفْض: نعتٌ لـ "ذِكْرٍ"، وأجاز الكِسائي (٤) والفَرّاء (٥): "مُحْدَثًا"(٦) يعني: ما يأتيهم مُحدَثًا، وأجاز الفراء (٧) أيضًا رفع {مُحْدَثٍ}(٨) على تأويل: {ذِكْرٍ}؛ لأنك لو حذفت "مِنْ" رفعتَ
(١) لم أعثر له على تخريج. (٢) من أول قوله: "ولا يجوز في الكلام: اقترب. . . " قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٦٣. (٣) قاله ابن الأعرابِيِّ فيما حكاه عنه ثعلب، ينظر: ياقوتة الصراط لأبي عمر الزاهد ص ٣٥٧. (٤) ينظر رأي الكسائي في إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٦٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٨١. (٥) معاني القرآن ٢/ ١٩٧. (٦) وقد قرأ بالنصب زيدُ بنُ عليٍّ، ينظر: البحر المحيط ٦/ ٢٧٥. (٧) ينظر: معاني القرآن ٢/ ١٩٧، ١٩٨. (٨) وقد قرأ بالرفع إبراهيم بن أبِي عبلة، ينظر: الكشاف ٢/ ٥٦٢، البحر المحيط ٦/ ٢٧٥.