رُوِيَ عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لَمّا خَلَقَ اللَّهُ -تعالَى- القَلَمَ قال له:"اكْتُبْ ما هو كائِنٌ"، فَكَتَبَ فِيما كَتَبَ:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}(١).
وَرُوِيَ أنه لَمّا نزل قوله تعالَى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}(٢)، جَمَعَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَشِيرَتَهُ، وقال:"يا بَنِي هاشِمٍ، يا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبَ، يا بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، يا عَبّاسُ، يا فاطمةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ: إنِّي لا أُغْنِي عَنْكُمْ من اللَّهِ شَيْئًا"، فعندها قال له أبو لَهَبٍ: ألِهَذا جَمَعْتَنا؟! تَبًّا لَكَ، فنَزَلَ قوله تعالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}(٣).
وعن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ يَوْمٍ الصَّفا، فقال:"يا صَباحاهُ (٤) "، فاجتمعت إليه قُرَيْشٌ، فقالوا له: ما لَكَ؟ قال:"أرَأيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أو مُمَسِّيكُمْ أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ "، قالوا: بَلَى، قال:"فَإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ"، فقال أبو لَهَبٍ: تبًّا
(١) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٢٤، تاريخ بغداد ١٤/ ٢٠٨، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٢٥، ٢٠/ ٢٣٧. (٢) الشعراء ٢١٤. (٣) رواه الدارمي عن أبِي هريرة في سننه ٢/ ٣٠٥ كتاب الرقائق: باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، ورواه البَخاري في صحيحه ٣/ ١٩٠، ١٩١ كتاب الجهاد والسير: باب "هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ " ٦/ ١٧ كتاب التفسير: سورة الشعراء، ورواه مسلم في صحيحه ١/ ١٣٣ كتاب الإيمان: باب في قوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}. (٤) قال ابن الأثير: "هذه كلمة يَقُولُها المُسْتَغِيثُ، وأصلها إذا صاحُوا لِلْغارةِ؛ لأنهم أكْثَرُ ما كانوا يُغِيرُونَ عند الصباح، فَكَأنَّ القائل: يا صَباحاهُ يقول: قد غَشِيَنا العَدُوُّ". النهاية فِي غريب الحديث ٣/ ٦ - ٧.