وأُسكنت التاء الأُولَى؛ لأنها مؤنثة، وفُتحت الأخرى لأنه فِعْلُ مُذَكَّرٍ (١).
وهو أبو لَهَبِ بنُ عَبْدِ المُطُّلِبِ، عَمُّ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان شديدَ المعاداةِ له، قال مقاتل (٢): كُنِّيَ بِاللَّهَبِ لِحُسْنِهِ وإشراق وجهه، وكانت وَجْنَتاهُ كَأنَّهُما تَلْتَهِبانِ.
واسمه عَبْدُ العُزَّى، وَكُنِّي أبو لَهَبٍ بِهَذِهِ الكُنْيةِ أشْهَرَ منه بِكُنْيَتِهِ الأُخْرَى، وكُنْيَتُهُ الأُخْرَى: أبو عُتْبةَ، فلذلك لَمْ يُسَمِّهِ (٣)، وقيل (٤): كُنْيَتُهُ هي اسْمُهُ، وقيل (٥): إنما كَنّاهُ اللَّهُ -تعالَى- بِأبِي لَهَبٍ؛ لأنه اشْتَقَّ له هذه الكُنْيةَ من مصيره ومأواه ومثواة.
واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأ العامّةُ:{أَبِي لَهَبٍ} بفتح الهاء، وقرأ أهل مكة بِجَزْمِها (٦)، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا في قوله:{ذَاتَ لَهَبٍ} أنها مفتوحة الهاء، لأنهم راعَوْا فيه رُؤوسَ الآيِ (٧).
(١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٧٠/ أ، وهو يعني بالتاء الأولى تاءَ التأنيث الساكنة في {تَبَّتْ}، وبفتح الأخرى الباءَ في {وَتَبَّ}؛ لأنه ليس في الثانِي تاء تأنيث، ولكن كلامه فيه إلباس. (٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٣٢٤، الوسيط ٤/ ٥٦٨، عين المعانِي ورقة ١٤٩/ أ. (٣) يعني أن القرآن لَمْ يُصَرِّحْ باسمه لأن اسمه عبد العُزَّى، قال ابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص ٢٢١ وإعراب القراءات السبع ٢/ ٥٤١، وينظر أيضًا: زاد المسير ٩/ ٢٥٩، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٣٦. (٤) ذكره السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة ١٤٩/ أ، وينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٣٧. (٥) ذكره القرطبي بغير عزو في تفسيره ٢٠/ ٢٣٦ - ٢٣٧. (٦) قرأ ابن كثير وابنُ مُحَيْصِنٍ ومجاهد وَحُمَيْدٌ: "أبِي لَهْبٍ" بإسكان الهاء، ينظر: السبعة ص ٧٠٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٣٧، البحر المحيط ٨/ ٥٢٧. (٧) قال ابن خالويه: "قرأ ابن كثير وحده: "لَهْبٍ" بإسكان الهاء، والباقون يفتحونها، فكأنه جعلها لغة مثل وَهَبٍ وَوَهْبٍ، وَنَهَير وَنَهْرٍ، فاختيار الفتحُ لِيُوافِقَ رُءُوسَ الآيِ: "الحَطَبِ" و"مَسَدٍ" و"يَدا أبِي لَهَبٍ". إعراب القراءات السبع ٢/ ٥٤٢، وينظر: الحجة للفارسي ٤/ ١٥١.