وقوله:{مُمَدَّدَةٍ} هو من صفة العَمَدِ؛ أي: أنها مَمْدُودةٍ مُطَوَّلةٍ، وهي أرْسَخُ من القصيرة، قرأها العامة بالخفض على نعت العَمَدِ، وقرأ عاصم بالرفع (٢)، جعلها نَعْتًا للمُؤْصَدةِ.
[فصل]
عن أنَسِ بنِ مالكٍ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ وَقّافٌ ثَبْتٌ لا يَعْجَلُ عالِمٌ وَرِعٌ، والمنافق هُمَزةٌ لُمَزةٌ حُطَمةٌ كَحاطِبِ اللَّيْلِ، لا يَدْرِي مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَ وَفِيمَ أنْفَقَ"(٣).
وعن سعيد بن جُبَيرٍ أنه قال:"إنَّ فِي النار لَرَجُلًا فِي شِعْبٍ مِنْ شِعابِها، يُنادِي مِقْدارَ ألْفِ عامٍ: يا حَنّانُ يا مَنّانُ، فيقول رَبُّ العِزّةِ تعالَى: يا جبريل! أخْرِجْ عَبْدِي من النار، فَيَأْتِيها فَيَجِدُها مُطْبَقةً، فَيَرْجِعُ فيقول: يا رَبِّ: إنَّها عليهم مُؤْصَدةٌ، فيقول: يا جبريل: فُكَّها، وَأخْرِجْ عَبْدِي من النار، فَيَفُكُّها ويَخْرُجُ مِثْلَ الخَيالِ، فَيُطْرَحُ على ساحِلِ الجَنّةِ حَتَّى يُنْبِتَ اللَّه له شَعْرًا وَلَحْمًا وَدَمًا"(٤)، واللَّه أعلم.
= الهوامع ٢/ ٣٦١، خزانة الأدب ١/ ٦٢. (١) من أول قوله: "وقيل: معنى في عَمَدٍ" نقله المؤلف بنصه عن النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٩٠. (٢) قرأ عاصمٌ الجَحْدَرِيُّ والضَّحّاكُ: "مُمَدَّدةٌ" بالرفع، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٢٨٧، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٧٠. (٣) رواه الثعلبي في الكشف والبيان ١٠/ ٢٨٧، وهو حديث ضعيف؛ لأن في سنده سليمانَ بنَ عَمْرٍو النَّخْعِيَّ، وهو كَذّابٌ متروك كما ذكر الذهبيُّ في ميزان الاعتدال ٢/ ٢١٧، وينظر: لسان الميزان ٣/ ٩٨، عين المعانِي ورقة ١٤٨/ أ، كنز العمال ١/ ١٦٢. (٤) رواه الطبري في جامع البيان ٣٠/ ٣٧٨، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٦٤/ ب، حلية الأولياء لأبِي نعيم ٤/ ٢٨٥، سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٣٨، الدر المنثور ٦/ ٣٩٣.