الكمال (١)، والعَرْشُ -على ما ذُكِرَ- أحْسَنُ كُلِّ شَيْءٍ وَأكْمَلُهُ وَأجْمَعُهُ لِصِفاتِ الحُسْنِ، وقيل (٢): لا يجوز أن يكون نَعْتًا لِلْعَرْشِ؛ لأنه من صفات اللَّه -عزّ وجلّ-، وإنما هو نعت لِلرَّبِّ في قوله:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}، وقرأ غيرهم بالرفع على صفة {الْغَفُورُ الْوَدُودُ}(٣).
وقوله: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)}؛ أي: إذا أراد شيئًا أن يقول له: {كُنْ فَيَكُونُ}(٤)، لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ يريده، ولا يَمْتَنِعُ منه شيءٌ طَلَبَهُ، وهو رفع على إضمار "هُوَ"، أو على أنه خبر بعد خبر، أو على البدل مما قبله وهو قوله:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}(٥).
[فصل]
عن أبِي السَّفَرِ (٦) قال: دَخَلَ عَلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه- قَوْمٌ
(١) هذا ما قاله الفراء والأخفش وغيرهما، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٥٤، معانِي القرآن للأخفش ص ٥٣٥، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٠٨، معانِي القراءات ٣/ ١٣٦، إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٥٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٦٨. (٢) قاله النحاس والفارسي، ورأى النحاس أن خفض {الْمَجِيدُ} هنا على أنه نعت لـ "رَبِّكَ"؛ أي: إنَّ بَطشَ رَبِّكَ المَجِيدِ لَشَدِيدٌ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ١٩٥، الحجة للفارسي ٤/ ١١٢. (٣) الرفع على أنه نعت لـ "ذو" في قوله: {ذُو الْعَرْشِ}، قاله الأخفش والزَّجّاجُ، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٥٣٥، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٠٨. (٤) النحل ٤٠، يس ٨٢. (٥) هذه الأوجه الثلاثة ذكرها النحاس في إعراب القرآن ٥/ ١٩٥، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٦٨، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩٧. (٦) هو سعيد بن يُحْمِدَ، أو أحْمَدَ، الهَمْدانِيُّ الثَّوْرِيُّ الكُوفِيُّ الفقيه، تابعيٌّ ثِقةٌ صَدُوقٌ، رَوَى عن ابن عباس وابن عُمَرَ، توفِّي سنة (١١٣ هـ)، [تهذيب الكمال ١١/ ١٠١ - ١٠٢، سير أعلام النبلاء ٥/ ٧٠].