يَعُودُونَهُ، فقالوا: يا خَلِيفةَ رَسُولِ اللَّهِ: ألَا نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا يَنْظُرُ إلَيْكَ؟ قال: قَدْ نَظَرَ إلَيَّ، قالوا: فَأيُّ شيْءٍ قالَ لَكَ؟ قال: إنِّي فَعّالٌ لِما أُرِيدُ" (١).
ثم ذكر خبر الجُمُوعِ الكافرة، فقال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧)} يريد: قَدْ أتاكَ، وهم الذين تَجَنَّدُوا على أنبياء اللَّه، ثم بيَّنَ مَنْ هُمْ؟ فقال: {فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨)} وهما في موضع خفض بدل من الجنود، أو في موضع نصب على إضمار أعْنِي، وهما لا ينصرفان للتعريف والعجمة في {فِرْعَوْنَ}، والتعريفِ والتأنيثِ في "ثَمُودَ" إذْ هو اسمٌ للقبيلةِ (٢).
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} من قومك يا محمد {فِي تَكْذِيبٍ (١٩)} لَكَ وَلِلْقُرْآنِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِمَنْ كان قبلهم من الكفار {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠)} عالِمٌ بِهِمْ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من أمورهم {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١)} كَرِيمٌ شَرِيفٌ كَثِيرُ الخَيْرِ مُنَزَّلٌ غير مخلوق.
{فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)} عند اللَّه، وهو أُمُّ الكتاب، منه نُسِخَ القُرْآنُ والكُتُبُ،
(١) ينظر: الطبقات الكبرى ٣/ ١٩٨، الوسيط ٤/ ٤٦٢، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩٧، تاريخ دمشق ٣٠/ ٤١٠. (٢) من أول قوله: "وهما في موضع خفض بدل من الجنود"، قاله مَكِّيٌّ بنصه في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٦٨، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٥٠٦، الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٦٥٣. (٣) وهي قراءة أبِي حَيْوةَ أيضًا؛ أي: هُوَ قُرْآنُ رَبِّ مَجِيدٍ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٠٩، إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٥٨، مختصر ابن خالويه ص ١٧١، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩٩، البحر المحيط ٨/ ٤٤٦.