أي: ما غَشَّى مِمّا ذَكَرَهُ لكم (١)، قال قتادة (٢): غَشّاها الصُّخُورَ بعد ما رَفَعَها وقَلَبَها.
[فصل]
رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"والذي نفسي بِيَدِهِ إن مَدائِنَ قَوْمِ لُوطٍ لَتَجَلْجَلُ (٣) فِي الأرض ما بَلَغَت القَرارَ، ولا تَبْلُغُ القَرارَ إلى الساعة"(٤).
قوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)} هذا خطاب للوليد بن المغيرة، لَمّا عَدَّدَ اللَّهُ ما فَعَلَهُ مما يَدُلُّ على قدرته ووحدانيته، قال: فَبِأيِّ نِعَمِ رَبِّكَ التي تدل على وحدانيته تَتَشَككُ وتُكَذِّبُ يا وَلِيدُ؟
ثم قال:{هَذَا} يعني النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- {نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦)} يعني: من الرسل قبله، أنْذَرَ كما أنْذَرُوا مِنْ قبله {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)} يعني: دَنَتِ القِيامةُ، وقَرُبَتِ الساعةُ، سُمِّيَتْ بذلك لِقُرْبِها، يقال: أزِفَ شُخُوصُ فُلَانٍ؛ أي: قَرُبَ، ومنه قوله تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}(٥) يعني: يوم القيامة.
= هذه الهاء، وأما مفعولا "ما غَشَّى" فهما محذوفان، فالأول هو ضمير يعود على "ما"، والثانِي ضمير يعود على "المؤتفكة"، أي: فَغَشّاها اللَّهُ ما غَشّاهُ إيّاها، ينظر: كشف المشكلات ٢/ ٣٤١، البيان للأنباري ٢/ ٤٠٢، الفريد للهمداني ٤/ ٣٨٨. (١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٨٢. (٢) ينظر قوله في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٨٢. (٣) جَلْجَلْتُ الشيء جَلْجَلةً: إذا حَرَّكْتَهُ حتى يكون للحركة صَوْتٌ، وكُلُّ شيءٍ تَحَرَّك فقد تَجْلجَل، والتُّجْلجُلُ: السُّؤُوخُ في الأرض والتحرك والجَوَلَانُ. اللسان: جلل. (٤) رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة ٧٥/ ب، وينظر: الدر المنثور ٦/ ١٣١. (٥) قاله السجستانِيُّ في تفسير غريب القرآن ص ١٤٩، وغافر ١٨.