والحسنُ بالحاء (١)، قال الأخفش (٢): ليس تَبْعُدُ إحداهما عن الأخرى، إلّا أن التجسس بالجيم عما يُكْتَمُ ويُوارَى، ومنه الجاسوس، والتَّحَسُّسُ بالحاء طلب الأخبار والبحث عنها.
ويقال (٣): إن التجسس بالجيم للشر لا غير، والتحسس بالحاء للخير والشر. معنى الآية: خُذُوا ما ظَهَرَ، ودَعُوا ما سَتَرَ اللَّهُ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِ الناس وعُيُوبَهُمْ.
[فصل]
عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إيّاكُمْ والظَّنَّ، فإن الظَّنَّ أكْذَبُ الحديث، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَقاطَعُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكونوا عبادَ اللَّه إخوانًا"(٤).
قوله:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}؛ أي: ولا يُعَيِّرْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، والغِيبةُ أن
(١) وهي قراءة ابن سيرين أيضًا، ونسبها ابن خالويه للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤٤، الكشف والبيان ٩/ ٨٢، تفسير القرطبي ١٦/ ٣٣٢، البحر المحيط ٨/ ١١٣، الإتحاف ٢/ ٤٨٦. (٢) لَمْ أقف عليه في معانِي القرآن، وإنما حكاه الثعلبي عنه في الكشف والبيان ٩/ ٨٢، وينظر: القرطبي ١٦/ ٣٣٣. (٣) حكاه السجاوندي بغير عزو، ثم قال: "ولو صحّ هذا القول ما قرأ الحسن بالحاء". عين المعاني ورقة ١٢٥/ أ. (٤) رواه البخاري في صحيحه ٦/ ١٣٦، ١٣٧ كتاب التكاح: باب "لا يخطب على خطبة أخيه"، ٧/ ٨٨، ٨٩ كتاب الأدب: باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر، وباب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} كتاب الفرائض: باب تعليم الفرائض، ورواه مسلم في صحيحه ٨/ ١٠ كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم الظن والتجسس.