والصحيح هو الأول، ألا ترى أنه اسْتَثْنَى منه الجَمْعَ فقال:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، وتقول العرب: أهْلَكَ النّاسَ الدِّينارُ والدِّرْهَمُ، وَهَلَكَ البَعِيرُ والشّاةُ، ويريدون به الجنس.
وقوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: صَدَّقُوا اللَّهَ ورسوله، وعملوا بطاعة اللَّه، فإنهم ليسوا في خسر، و {الَّذِينَ} اسم ناقص في موضع نصب على الاستثناء من الإنسان؛ لأنه بمعنى الجماعة.
قوله:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} يعني: أوْصَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا بالتوحيد والقرآن {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} على أداء الفرائض وإقامة أمر اللَّه وَتَرْكِ مَعاصِيهِ.
[فصل]
عن أُبَيِّ بن كعب -رضي اللَّه عنه- قال: قرأتُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَالْعَصْرِ} فقلتُ: بِأبِي وَأُمِّي أنْتَ يا رسول اللَّه ما تفسيرها؟ فقال:{وَالْعَصْرِ} قَسَمٌ من اللَّه، أقْسَمَ رَبُّكُمْ بآخر النهار، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}: أبو جهل بن هشام، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}: أبو بكر الصديق، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: عُمَرُ بن الخطاب، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: عثمان بن عفان، {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: عَلِيُّ بن أبِي طالب" (١) -رضي اللَّه عنهم أجمعين-، واللَّه أعلم.
* * *
= المراد بالإنسان هنا مُعَيَّنٌ كَأبِي جَهْلٍ أو أبِي لَهَبٍ، كما رُوِيَ عن ابن عباس أن المراد به بعضُ كفار مكة، وينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٠. (١) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٢٨٤، الوسيط ٤/ ٥٥١، عين المعانِي ورقة ١٤٨/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٠.