وقيل (١): "ما" هاهنا صلة مؤكدة للكلام، والخبر ما عاد من "يَهْجَعُونَ"، والمعنى: كانوا يَهْجَعُونَ قَلِيلًا، على النعت لمصدر محذوف أو ظرف محذوف، أي: هُجُوعًا قَلِيلًا، أو وَقْتًا قَلِيلًا (٢)، وقيل (٣): هو منصوب على أنه خبر "كانَ".
قوله: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)}؛ أي: يُصَلُّونَ في السُّدُسِ الأخير من الليل، وقال أنَسٌ:"كُنّا نُؤْمَرُ بالسَّحَرِ بالاسْتِغْفارِ سَبْعِينَ مَرّةً"(٤).
[فصل]
عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من ليلة إلّا وَمُنادٍ يُنادِي مِنْ بُطْنانِ (٥) العَرْشِ: يا بني آدم! إن اللَّه تعالى يُقْرِئُكُم السَّلَامَ، ويقول: شَوَّقْناكُمْ فلم تَشْتاقُوا، وخَوَّفْناكُمْ فلم تَخافُوا، ونُحْنا لكم فلم تَبْكُوا، بالليل تنامون، وبالنهار تَقِيلُونَ، المَنْزِلَ الطَّوِيلَ مَتَى تَقْطَعُونَ"(٦).
قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)} يعني بالحَقِّ الزكاةَ الواجِبةَ، وهو رفع بالابتداء، والسائل: الذي يسأل الناسَ، والمَحْرُومُ: قيل: هو
(١) قاله الحسن البصري والنخعي والفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٨ معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٥٣، إعراب القرآن ٤/ ٢٣٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٢٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٣٥. (٢) هذا إذا جعلت "ما" صلة مؤكدة. (٣) هذا إذا جعلت "ما" مصدرية أو نافية أو موصولة. (٤) رواه الطبرانِي في كتاب الدعاء ص ٥١٦، والنقاش في شفاء الصدور ورقة ٥٦/ ب، وينظر: تفسير القرطبي ٤/ ٣٩، تفسير ابن كثير ١/ ٣٦١. (٥) بُطْنانُ العَرْشِ: وَسَطُهُ، وقيل: أصْلُهُ. اللسان: بطن. (٦) ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبِي الحديد ١١/ ٢٣٦، وذكره الفَتَّنِيُّ في تذكرة الموضوعات ص ٢٠١.