غير السائل، وقيل: هو المُحارَفُ، وقيل (١): المَحْرُومُ والمُحارَفُ واحد؛ لأن المَحْرُومَ: الذي حُرِمَ الرِّزْقَ، فلا يَتَأتى له، والمُحارَفُ: الذي حارَفَهُ الكَسْبُ؛ أي: انْحَرَفَ عنه، وقيل (٢): المَحْرُومُ: الكَلِبُ، وقال صاحب "إنسان العين"(٣): المَحْرُومُ: مَنْ لا سَهْمَ له في الإسلام، أو مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ على غَيْرِهِ.
وقال الواحديُّ (٤): هو الذي ليس له في الغنيمة سَهْمٌ، ولا يَجْرِي عليه من الفَيْءِ شَيْءٌ، ومعناه في اللغة: المَمْنُوعُ من كل شيء، وهو الذي مُنِعَ الخيرَ والعطاءَ، وقال قتادة والزُّهْرِيُّ: المَحْرُومُ هو المُتَعَفِّفُ الذي لا يَسْألُ، وقد ذكره النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"هو الذي لا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، ولا يُفْطَنُ لِحاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ"(٥).
قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠)} يعني: ما خَلَقَ اللَّهُ فيها من الجبال والبحار والأنهار والأشجار والثمار والنبت عامًا بِعامٍ، فيها آيات للموقنين باللَّه، يعرفونه بصنعته {وَفِي أَنْفُسِكُمْ} آيات أيضًا، إذْ كانت نُطْفةً ثم عَلَقةً ثم مُضْغةً ثم عَظْمًا، إلى أن يُنْفَخَ فيها الرُّوحُ.
(١) قاله أبو بكر العزيزي في تفسير غريب القرآن ص ١٤٧. (٢) ذكره السجاوندي بغير عزو في عين المعانِي ورقة ١٢٦/ ب، والكَلَبُ مَأْخُوذٌ من كُلْبةِ الزَّمانِ وكَلَبِهِ؛ أي: شِدَّتُهُ وضِيقُهُ، يقال: عامٌ كَلِبٌ؛ أي: جَدْبٌ. (٣) عين المعانِي ورقة ١٢٦/ ب. (٤) الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٤/ ١٧٥. (٥) هذا جزء من حديث رواه البخاري عن أبي هريرة في صحيحه ٢/ ١٣٢ كتاب الزكاة: باب قول اللَّه تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، ورواه مسلم في صحيحه ٣/ ٩٥ كتاب الزكاة: باب المسكين الذي لا يَجِدُ غِنًى.