ثم عَنَّفَهُمْ فقال: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} قال مقاتل (١): أفَلَا تُبْصِرُونَ كَيْفَ خَلَقَكُمْ فَتَعْرِفُوا قُدْرَتَهُ على البعث؟
ثم قال:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} يعني المطر الذي يَنْزِلُ من السماء إلى الأرض لِيُحْيِيَ به الأرضَ، فَيُخْرِجُ به ألْوانَ النبات {وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢)} من الخير والشر والجنة والنار.
ثم أقْسَمَ الرَّبُّ بنفسه فقال تعالى:{فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} لأنَّهُ رَبُّهُما {إِنَّهُ لَحَقٌّ} يعني القرآن وما ذكر من الآيات والرزق أنه كائن {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)} شَبَّهَ اللَّهُ تعالى تَحَقُّقَ ما أخْبَرَ عنه بِتَحَقُّقِ نُطْقِ الآدَمِيِّ وَوُجُودِه، والمعنى: أنه في صِدْقِهِ وَوُجُودِه كالذي يعرفه ضرورةً.
وقوله:"مِثْلَ ما" قرأ أهل الكوفة إلّا حَفْصًا: {مِثْلُ ما} بالرفع على البدل من الحق، وقيل (٢): هو من صفة الحق، وقرأ غيرهم بالنصب (٣) على عدم الخافض؛ أي: كَمِثْلِ ما أنّكُمْ تَنْطِقُونَ (٤)، وقيل: من نصب جعل {مِثْلَ} مع
(١) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ١٧٦. (٢) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٥٤، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٤١، مشكل إعراب القرآن المكي ٢/ ٣٢٤. (٣) قرأ أبو بكر عن عاصم، وحمزةُ والكسائي وخلف والأعمشُ، وابنُ أبِي إسحاق والحسن بخلاف عن ثلاثتهم: "مِثْلُ" بالرفع، وقرأ الباقون، وحَفْصٌ عن عاصم بالنصب، ينظر: السبعة ص ٦٠٩، تفسير القرطبي ١٧/ ٤٣، البحر المحيط ٨/ ١٣٦، الإتحاف ٢/ ٤٩٢. (٤) النصب على نزع الخافض قاله الفراء في معاني القرآن ٣/ ٨٥، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٤١، قال مكي: "ولا يجوز هذا عند البصريين". مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٢٤، وينظر: عين المعاني ورقة ١٢٦/ ب.