ويقال: قَلَيْتُهُ أقْلِيهِ قِلًى: إذا أبْغَضْتَهُ، وهذا جوابُ القَسَمِ، والأصل: وَما قَلَاكَ، والعرب تَحْذِفُ من الثّانِي لدلالة الأوَّلِ، تقول: أعْطَيْتُكَ وَأكْرَمْتُ (١).
قال المفسرون: أبْطَأ جِبْرِيلُ عليه السّلام على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال المشركون: قَدْ قَلَاهُ اللَّه وَوَدَّعَهُ، فأنزل اللَّه تعالَى هذه الآيةَ (٢).
قوله: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)}؛ أي: وَلَكَ في الآخِرةِ يا محمد من الشرف والكرامة أفْضَلُ مِمّا أعْطَيْتُكَ فِي الدنيا {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)} يعني: فَتَرْضَى ثَوابَهُ، و"سَوْفَ" و"عَسَى" فِي العِداتِ من اللَّه واجِبٌ.
[فصل]
عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: دَخَلْتُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو على سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِالشَّرِيطِ (٣)، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسادةٌ مِنْ أدَمٍ، حَشْوُها لِيفٌ، وَدَخَلَ عليه عُمَرُ بنُ الخَطّابِ -رضي اللَّه عنه- وَناسٌ من الصحابة -
= الحاجب للرضي ١/ ١٣١، اللسان: ودع، البحر المحيط ٨/ ٤٨٠، الإصابة ١/ ٢٧٣، شرح شواهد شرح الشافية ص ٥٠، ٥٣، خزانة الأدب ٥/ ١٥٠، ٦/ ٤٧١، فتح القدير ٥/ ٤٥٧. (١) في الأصل: "واكرمتك"، وما ذكره من الحذف من الثانِي لدلالة الأول قاله الفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٧٣، ٢٧٤، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٣٩، إعراب القرآن ٥/ ٢٤٩، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ٣/ ١٣٦، ٩/ ٢٩٥، تفسير القرطبي ٢٠/ ٩٤. (٢) روى ذلك مسلمٌ بسنده عن جُنْدُب بنِ عبد اللَّه البَجَلِيِّ في صحيحه ٥/ ٨٢ كتاب الجهاد والسِّيَرِ: باب ما لَقِيَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ أَذَى المشركين، والترمذي في سننه ٥/ ١١٢ أبواب تفسير القرآن: سورة "والضُّحَى"، ورواه الحاكم عن زيد بن أرقم في المستدرك ٢/ ٥٢٦، ٥٢٧ كتاب التفسير: سورة "والضُّحَى". (٣) مَرْمُولٌ بِالشَّرِيطِ: مَنْسُوجٌ بِالسَّعَفِ أو اللِّيفِ، يقال: رَمَلَ الحَصِيرَ يَرْمُلُهُ رَمْلًا، وَأرْمَلْتُهُ فهو مَرْمُولٌ وَمُرْمَلٌ: إذا نَسَجَهُ.