عن أبِي سعيد الخُدْرِيِّ قال: قيل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يَوْمٌ كان مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنةٍ؟ ما أطْوَلَ هَذا اليَوْمَ!، فقال -عليه السلام-: "والذي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلَى المُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلاةٍ مَكْتُوبةٍ يُصَلِّيها في الدُّنْيا"(١).
وقال إبرإهيم التَّيْمِيُّ:"ما قَدْرُ ذلك اليَوْمِ على المؤمن إلّا كما بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ"(٢).
ثم عَزَّى نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:{فَاَصبِرْ} يا محمد على تكذيبهم إيّاكَ {صَبْرًا جَمِيلًا (٥)} وهو الذي لا جَزَعَ فيه، وهذا قَبْلَ أن يُؤْمَرَ بالقتال {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ} يعني العذاب {بَعِيدًا (٦)} غَيْرَ كائِنٍ {وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧)} كائنًا؛ لأن كل ما هو آتٍ قَرِيبٌ، ونصب {بَعِيدًا (٦)} و {قَرِيبًا} على الحال، ولو قلت: نَصْبُهُما لأنهما مفعولان بـ "يَرَى" كان صوابًا (٣).
ثم أخبر متى يقع بهم العذاب فقال: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨)}؛ أي:
(١) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٧٥، وابن حبان في صحيحه ١٦/ ٣٢٩ باب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البعث وأحوال الناس فِي ذلك اليوم، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٦، الوسيط ٤/ ٣٥١. (٢) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٠/ ٣٧، الكشاف ٤/ ١٥٧، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٨٣، الدر المنثور ٤/ ٣٦٥. (٣) "رأى" في الموضعين عِلْمِيّةٌ، و {بَعِيدًا} و {قَرِيبًا} منصوبان على المفعول الثانِي، قال المنتجب الهمدانِيُّ: "وقوله: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} مفعولٌ ثانٍ، ومثله {قَرِيبًا}، والرؤية الأولَى بمعنى الظَّنِّ والاعتقاد، والثانية بمعنى العلم واليقين". الفريد للهمداني ٤/ ٥٢٧، وعلى هذا فإن {بَعِيدًا} و {قَرِيبًا} ليسا منصوبين على الحال؛ لأن "رأى" ليست بَصَرِيّةً.