رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"أوَّلُ المُرْسَلِينَ آدَمُ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فَسُئِلَ: كم المُرْسَلُونَ؟ فقال:"ثلاثمائة وثلاثةَ عَشَرَ الجَمَّ الغَفِيرَ (١)، فمِن الأنبياء مَنْ يسمع الصوت فَيَفْقَهُهُ، ومن الأنبياء من يُوحَى إليه فِي المنام، وإن جبريل عليه السّلام لَيَأْتِي النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كما يَأْتِي الرَّجُلُ صاحِبَهُ فِي ثِيابٍ بِيضٍ مَكْفُوفةٍ (٢) بالدُّرِّ والياقُوتِ، ورِجْلَاهُ مَغْمُوسَتانِ فِي الخُضْرةِ"(٣).
قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}؛ أي: وهكذا يا محمد أوحينا إليك {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} يعني: وَحْيًا بِأمْرِنا {مَا كُنْتَ تَدْرِي} يا محمد {مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}؛ يعني: القرآن وشرائع الإيمان ومَعالِمَهُ، وقال محمد بن إسحاق (٤): الإيمان فِي هذا الموضع: الصلاةُ، دليله قوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}(٥) يعني: الصلاة سَمّاها إيمانًا.
(١) الجَمَّ الغَفِيرَ: يعني مُجْتَمِعِينَ كَثِيرِينَ. اللسان: جمم. (٢) ثِيابٌ مَكْفُوفةٌ: مَخِيطةٌ، يقال: كَفَفْتُ الثَّوْبَ، أي: خِطْتُ حاشِيَتَهُ، وكِفافُ الثَّوْبِ: نَواحِيهِ. اللسان: كفف. (٣) من أول الحديث إلى قوله: "الجَمَّ الغَفِيرَ" جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي ذَرٍّ في المسند ٥/ ١٧٨، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/ ٤ كتاب السِّيَرِ: باب مبتدأ الخلق، ومن أول قوله: "فمن الأنبياء من يسمع" حديث آخر رواه ابن عديٍّ عن ابن عباس في الكامل في الضعفاء ٣/ ٣٩، وينظر: تاريخ دمشق ١٦/ ١٦٨، الدر المنثور ١/ ٩٣. (٤) ينظر قوله في الوسيط للواحدي ٤/ ٦١، زاد المسير ٧/ ٢٩٨، عين المعانِي ورقة ١١٩/ أ، تفسير القرطبي ١٦/ ٥٩. (٥) البقرة ١٤٣.