وقوله:"وَدُودٌ" له معنيان (٣)، قيل: هو "فَعُولٌ" بمعنى "مَفْعُولٍ" كَحَلُوبٍ وَرَكُوبٍ؛ أي: مَوْدُودٌ، وقيل: هو "فَعُولٌ" بمعنى "فاعِلٍ"؛ أي: يَوَدُّ عِبادَهُ الصالحين، ومنه: شَكُورٌ لِعَبْدِهِ على عَمَلِهِ، والعَبْدُ شَكُورٌ لِنِعَمِ رَبِّهِ، ومنه: اللَّهُ تَوّابٌ على عبده، وَعَبْدُ اللَّهِ تَوّابٌ إلَى رَبّهِ مِنْ ذَنْبِهِ، قال ثعلبٌ (٤): وأصل الوُدِّ: لِينُ الجانِبِ.
وقوله: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥)} يعني الكريم الرفيع العالِي، والمَجْدُ: العُلُوُّ والشَّرَفُ، واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأ يحيى وحمزةُ والكسائي وخلفٌ بِجَرِّ الدّالِ (٥) على نعت العرش، وَيَدُلُّ على هذا أن العرش وُصِفَ بِالكَرَمِ في قوله تعالى:{رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}(٦)، فَجازَ أن يُوصَفَ بِالمَجَيْدِ لأن معناه
(١) هود ١٠٢. (٢) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٦٥. (٣) هذان المعنيان قالهما الزجاجي في اشتقاق أسماء اللَّه الحسنى ص ١٥٢، والنقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٢٧/ أ، وينظر: الوسيط ٤/ ٤٦٢، زاد المسير ٤/ ١٥٢، النهاية لابن الأثير ٥/ ١٦٥، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩٦، اللسان: ودد. (٤) حكاه عنه النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٢٧/ أ. (٥) قرأ يَحْيَى بنُ وَثّابِ وَحَمْزةُ والكِسائِيُّ، والمُفَضَّلُ عن عاصمٍ، وَخَلَفٌ والحَسَنُ والأعْمَشُ وعمرُو بنُ عُبَيْدٍ: "المَجِيدِ" بالخفض، وقرأ الباقون، وحَفْصٌ عن عاصمٍ بالرفع، ينظر: السبعة ص ٦٧٨، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩٦، البحر المحيط ٨/ ٤٤٥، الإتحاف ٢/ ٦٠١. (٦) المؤمنون ١١٦.