هُمُ الْعَادُونَ (٧)}؛ أي: العاصُونَ الظالمون المتجاوزون إلى ما لا يحلُّ لهم، ومحل "مَنْ": رفعٌ بالابتداء، وكذلك:"أُوْلَئِكَ": رفعٌ بالابتداء، و"هُم": ابتداءٌ ثانٍ (١)، و"العادُونَ": خبرُ ابتداءِ الثاني، وهذه الجملة خبرُ ابتداءِ الأول.
قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)}؛ أي: حافظون، وقَرأَ ابن كثير (٢): {لِأَمَانَاتِهِمْ} على التوحيد، وذلك أنه: مصدرٌ واسمُ جِنْسٍ فيقعُ على الكثير وإن كان مفردًا في اللفظ (٣). {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩)} وقرئ: {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ}(٤)، فمن أَفْرَدَ فَلَأنَّ الصلاةَ في الأصل عَمَلٌ مخصوص، ومَنْ جَمَعَ فلأنه قد صار اسمًا شرعيًّا لانضمام ما لم يكن في أصل اللغة إليها (٥)، ومعنى الآية: والذين هم يحافظون على الصلوات المكتوبة، ويقيمونَها في أوقاتها.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)} يعني: الموصوفينَ الذين تَقدَّم ذِكرُهم يَرِثُونَ منازلَ أهل النار من الجنة، ثم ذكر ما يَرِثون فقال: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)} مقيمون.
(١) {أُولَئِكَ} مبتدأٌ أول، و {هُمُ}: ضمير فصل لا محل له على مذهب البصريين، وأما على مذهب الكوفيين، وهو ما اختاره الجِبْلِيُّ هنا، فهو مبتدأ ثانٍ، و {الْعَادُونَ} خبره، وجملة {هُمْ}: خَبَر المبتدأ الأول {أُولَئِكَ}. (٢) وهي أيضًا قراءة أبي عمرو في رواية عنه وابن محيصن، ينظر: السبعة ص ٤٤٤، الكشف ٢/ ١٢٥، حجة القراءات ص ٤٨٣، الإتحاف ٢/ ٢٨١. (٣) قاله الفارسي في الحجة ٣/ ١٧٧. (٤) هذه قراءة حمزة والكسائي وخلف والأعمش، ينظر: السبعة ص ٤٤٤، حجة القراءات ص ٤٨٣، الإتحاف ٢/ ٢٨٢. (٥) من أول قوله: "فَلَأنَّ الصلاة في الأصل" إلى هنا قاله الفارسي في الحجة ٣/ ١٧٧.