لسان الرسُل، فسألوه ذلك الوعدَ في الدنيا، فقالوا:{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ}(١)؛ أي: على لسان رسلك (٢).
قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} يعني: كفارَ مكةَ ومَن كان يَعْبُدُ غيرَ اللَّهِ، وقَرأَ ابنُ كثير وحفصٌ:{يَحْشُرُهُمْ} بالياء (٣)، {وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني الأصنامَ، ثم يَأْذَنُ اللَّهُ تعالى لها فِي الكلام ومُخاطَبَتِه {فَيَقُولُ}، وقَرأَ ابن عامر:{فنَقُولُ} بالنون (٤){أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ}؛ أي: أمَرْتُموهم بعبادتكم {أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧)}؛ أي: أخطَأوا الطريقَ {قَالُوا سُبْحَانَكَ} نَزَّهُوا اللَّهَ من أن يكون معه إِلَهٌ يُعْبَدُ {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ} قال ابن عباس: أَطَلْتَ لهم العُمُرَ، وأَفْضَلْتَ عليهم، ووَسَّعْتَ لهم فِي الأرزاق {حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ} يعني: تَركوا الموعِظةَ والإيمانَ بالقرآن {وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (١٨)}؛ أي: هَلْكَى قد غَلَبَ عليهم الشقاوةُ والخِذْلَانُ، قال أبو عُبيد (٥): وأصله من البَوارِ، وهو الكسادُ والفساد، ومنه: بَوارُ الأَيِّمِ وبَوارُ السلعة. وهو اسمُ مصدر، كالزَّوْر، يستوي فيه الواحدُ
(١) آل عمران ١٩٤. (٢) قاله الفرَّاء في معاني القرآن ٢/ ٢٦٣، وينظر: عين المعاني ورقة ٨٩/ ب. (٣) قرأ ابن عامر وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع، وأبو بكر عن عاصمٍ، والحسنُ والشَّنَبُوذِيُّ وطلحةُ وخَلَفٌ: {نَحْشُرُهُمْ} بالنون، وقرأ الباقون، وحَفْصٌ عن عاصمٍ: {يَحْشُرُهُمْ} بالياء، ينظر: السبعة ص ٤٦٣، حجة القراءات ص ٥٠٨، البحر المحيط ٦/ ٤٤٧، الإتحاف ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦. (٤) وهي أيضًا قراءة الحسن وطلحة والشنبوذي وأبِي حيوة، ينظر: السبعة ص ٤٦٣، حجة القراءات ص ٥٠٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٨، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٤٤، البحر المحيط ٦/ ٤٤٧، الإتحاف ٢/ ٣٠٦. (٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ٧/ ١٢٧.