مَا تَشْكُرُونَ (٢٣)} وإنما لَمْ يقل: الأسْماع لأن السَّمْعَ في الأصل مصدر (١)، ونصب {قَلِيلًا} بـ {تَشْكُرُونَ}، يعني: ما تَشْكُرُونَ قَلِيلًا من الشكر ولا كثيرا رَبَّ هذه النعمةِ فَوَحِّدُوهُ (٢).
قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ} يعني كفار مكة {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥)} أي: مَتَى هذا العذاب الذي تَعِدُنا به يا محمد أنه نازِلٌ بنا، إن كنت من الصادقين، يقولون هذا استهزاء وتكذيبًا، و {مَتَى} في موضع رفع لأنها خبر الابتداء، هذا عند سيبويه (٣)، وعلى قول غيره هي في موضع نصب؛ لأنه لا يُرْفَعُ هذا بالابتداء (٤)، وأبو العباس يرفعه بمعنى: مَتَى يَسْتَقِرُّ هذا الوعدُ (٥)، وقيل (٦): {مَتَى} نصب على الظرف حيث كان، و {هَذَا} رفع بالابتداء، و {الْوَعْدُ} نعته.
قوله:{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} الهاء في {رَأَوْهُ} تعود على الوعد، وقيل: على العذاب يوم بَدْرٍ، وقيل: على العذاب في الآخرة، قاله أكثر المفسرين، وقوله:
(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٧٢، وينظر: التهذيب ٢/ ١٥٢، المخصص ١/ ٨٣. (٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٥٠/ أ. (٣) لأن "مَتَى" عنده سُؤالٌ عن الزمان بمعنى: أيُّ حِينٍ؟. ينظر: الكتاب ١/ ٢١٧، ٢١٨، ٤/ ٢٣٣. (٤) يعني أن "مَتَى" منصوبة على الظرفية، وهذا مذهب الكوفيين، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٢٠٣، ٣٣٣، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٧٠، ٢٩٩، ٤/ ٤٧٢، تهذيب اللغة ١٤/ ٣٤٥. (٥) يعني المبرد، ينظر: المقتضب ٢/ ٦٦، ٣/ ٥٢، ٤/ ٣٣٣. (٦) قاله مكي في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٩٣. (٧) هكذا ذكر المؤلف هذه الآية دون توجيه.