وقوله:{مَا يُمْسِكُهُنَّ} يعني: في حال البَسْطِ والقَبْضِ أنْ يَسْقُطْنَ {إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)} و {صَافَّاتٍ} في موضع نصب على الحال، وكذلك قوله:{وَيَقْبِضْنَ} حال أيضًا من الطير.
قوله تعالى:{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ} لفظ الجُنْدِ مُوَحَّدٌ، ولذلك قيل:{هَذَا الَّذِي هُوَ}، وهو استفهام في معنى إنكارٍ؛ أي: لا جُنْدَ لَكُمْ {يَنْصُرُكُمْ} أي: يَمْنَعُكُمْ من عذاب اللَّه، قال ابن عباس (١): معناه: ينصركم مِنِّي إنْ أرَدْتُ عَذابَكُمْ {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠)}؛ أي: من الشيطان يَغُرُّهُمْ بأن العذاب لا يَنْزِلُ بِهِمْ {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}؛ أي: مَن الذي يرزقكم المَطَرَ إنْ أمْسَكَهُ اللَّهُ عنكم؟ {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١)}؛ أي: ليسوا يعتبرون ولا يتفكرون، بل لَجُّوا في طُغْيانِهِمْ وتَمادِيهِمْ وتَباعُدِهِمْ عن الآيات.
قوله تعالى:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} يعني: راكِبًا رَأْسَهُ في الضلالة والجهالة أعْمَى القَلْبِ والعَيْنِ، يعني الكافر {أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا} معتدلًا، وهو المؤمن يبصر الطريق {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)} يعني به الإسلامَ، وهذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تعالى للكافر؛ لأنه أكَبَّ على معاصي اللَّه في الدنيا، فَحَشَرَهُ اللَّهُ على وجهه لا يبصر يمينًا ولا شِمالًا، و"مَنْ" في موضع رفع بالابتداء، و {أَهْدَى} خبره، ونصب {مُكِبًّا} و {سَوِيًّا} على الحال.
قوله تعالى:{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ}؛ أي: الذي خلقكم ولَمْ تكونوا شيئًا، وهو مبتدأ وخبر {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} يعني العقول {قَلِيلًا
= المشكلات ٢/ ٣٥٧، البيان للأنباري ٢/ ٤٥١، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٨، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٣٨٣، شرح الكافية للرضي ٢/ ٣٧٥، اللسان: عشا، كهل، البحر المحيط ٨/ ٢٩٧، المقاصد النحوية ٤/ ١٧٤، خزانة الأدب ٥/ ١٤٠، ١٤٣. (١) ينظر قوله في الوسيط للواحدي ٤/ ٣٣٠.