{زُلْفَةً} يعني: قريبًا، يقال: ازْدَلَفَ إليه؛ أي: قَرُبَ منه (١)، وهو مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع والواحد (٢).
وقوله:{سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: اسْوَدَّتْ وغَلَبَتْ عليها الكَآبةُ، ومعنى {سِيئَتْ}: قُبِّحَتْ وُجُوهُهُمْ بالسَّوادِ، يقال: ساءَ الشيءُ يَسُوءُ فهو سَيِّئٌ: إذا قَبُحَ، وسِيءَ يُساءُ: إذا قُبِّحَ، وضده: سَرَّ يَسُرُّ، يقال: سَرَّنِي الشيءُ وسُرِرْتُ به {وَقِيلَ} لهم {هَذَا} يعني العذاب {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)} قال الفَرّاءُ (٣): يعني: تَدْعُونَ، وهما واحد مثل: تَذْكُرُونَ وتَذكَّرُونَ.
قرأه العامة بالتشديد من الادِّعاءِ، وقرأه الضحاك وقتادة ويعقوب بالتخفيف (٤) من الدعاء، والمعنى: كنتم به تستعجلون.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ} يعني ماء زمزم {غَوْرًا} يعني غائِرًا ذاهبًا فِي الأرض، لا تَنالُهُ الأيدي أو الدِّلاءُ، والغَوْرُ: مصدر لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ وُضِعَ مَوْضِعَ الاسم، فأقامه مُقامَ الفاعل (٥)، وقيل (٦): تقديره: إن أصبح ماؤكم
(١) قاله الزجاج فِي معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٠١، وحكاه النقاش عن ثعلب فِي شفاء الصدور ورقة ١٥٠/ أ. (٢) قال الجوهري: "والزُّلْفةُ والزُّلْفَى: القُرْبةُ والمَنْزِلةُ، وهي اسم المصدر". الصحاح ٤/ ١٣٧٠. (٣) معانِي القرآن ٣/ ١٧١. (٤) قرأ الضحاكُ وقتادةُ ويعقوبُ وأبو رجاء والحسنُ وعبدُ اللَّه بنُ مسلمٍ بنِ يسارٍ وسلَّامٌ وابنُ أبِي عبلةَ وأبو زيد: "تَدْعُونَ"، ورواها عُصْمةُ عن أبِي بكر، والأصمعيُّ عن نافعٍ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٠، المحتسب ٢/ ٣٢٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٢١، البحر المحيط ٨/ ٢٩٨، الإتحاف ٢/ ٥٥٢. (٥) قاله الفراء والأخفش وأبو عبيدة وابن قتيبة والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٧٢، معانِي القرآن للأخفش ص ٥٠٤، مجاز القرآن ٢/ ٢٦٣، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٧٦، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٠١. (٦) يعني أنه على تقدير مضاف، وهذا قول النحاس، قاله في إعراب القرآن ٤/ ٤٧٤.