قام، إنما الكلام أن تَقُولَ: قام رجل. وقَبُح تقديم النكرة قبل خبرها «١» أنها توصل «٢» ثُمَّ يخبر عنها بخبر سوى الصلة. فيقال: رجل يقوم أعجب إليّ من رجل لا يقوم: فقبح إذ كنت كالمنتظر للخبر بعد الصلة. ١٢٦ او حسن فِي الجواب لأن القائل يقول: من فِي الدار؟ فتقول: رَجُل (وإن قلت «٣» (رَجُلٌ فيها) فلا بأس لأنه كالمرفوع بالردّ لا بالصفة.
ولو نصبت «٤» السورة عَلَى قولك: أنزلناها سورة وفرضناها كما تَقُولُ: مُجرَّدًا ضربته كَانَ وجهًا. وما رأيت أحدًا «٥» قرأ بِهِ.
ومن قَالَ (فرضناها) يقول: أنزلنا فيها فرائض مختلفة. وإن شاء: فرضناها عليكم وَعَلَى من بعدكم إلى يوم القيامة. والتشديد لهذين الوجهين حسن.
وقوله: الزَّانِيَةُ والزّانى فاجلدوا كلّ واحد منهما «٦» رفعتهما بِما عاد من ذكرهما فِي قوله (كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) ولا ينصب مثل هَذَا لأن تأويله الجزاء (ومعناهُ «٧» ) - والله أعلم- من زَنَى فافعلوا بِهِ ذلك. ومثله (وَالشُّعَراءُ «٨» يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) معناهُ- والله أعلم: من قَالَ الشعر اتّبعه الغواة. وكذلك (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) ، (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما «٩» ) ولو أضمرت قبل كل ما ذكرنا فعلًا كالأمر جاز نصبه، فقلت: الزانية والزاني فاجلدوا:
(١) أي لأنها. (٢) يريد وصفها. (٣) سقط فى أ. (٤) النصب قراءة عمر بن عبد العزيز ومجاهد وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهم كما فى البحر ٦/ ٤٢٧. وهى من الشواذ. ويريد الفراء أنها تنصب على الحال. وفى البحر: «وقال الفراء: سورة حال من الهاء والألف. والحال من المكنى يجوز أن يتقدم عليه» . ولم نر هذا النص فى نسخنا. (٥) قد علمت أنه قرىء به فى الشواذ. (٦) قرأ بالتخفيف من العشرة غير ابن كثير وأبى عمرو. أما هما فقرءا بالتشديد. (٧) ش: «المعنى» . (٨) الآية ٢٢٤ سورة الشعراء. (٩) الآية ١٦ سورة النساء.