بالرفع. وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه:«ألم نهلك الأولين وسنتبعهم الآخرين» ، فهذا دليل عَلَى أنها مستأنفة لا مردودة عَلَى (نهلك) ، ولو جزَمت عَلَى: ألم نقدّر إهلاك الأولين، وإتباعهم الآخرين- كَانَ وجهًا جيدًا بالجزم «٢» لأنّ التقدير يصلح للماضي، وللمستقبل.
وقوله عز وجل: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) .
ذكر عنْ عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه، وعن أَبِي «٣» عَبْد الرَّحْمَن السلمي: أنهما شدَّدا، وخففها الْأَعْمَش وعاصم «٤» . ولا تبعدن أن يكون المعنى فِي التشديد والتخفيف واحدًا لأن العرب قَدْ تَقُولُ: قدِّر عَلَيْهِ الموتُ، وقدّر عَلَيْهِ رزقه، وقُدِر عَلَيْهِ بالتخفيف والتشديد، وَقَدِ احتج الَّذِينَ خففوا فقالوا: لو كَانَ كذلك لكانت: فنعم المقدّرون. وَقَدْ يجمع العرب بين اللغتين، قَالَ اللَّه تبارك وتعالى:«فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً «٥» » (٤) ، وقال الأعشى:
(١) فى النسخ: أحيد، والأرجح أنها تحريف (الأخيذ) ، وهو الأسير. والتمول: اقتناء المال. (٢) قرأ بالجزم الأعرج، قال ابن جنى، ويحتمل جزمه أمرين: أحدهما: أن يكون أراد معنى قراءة الجماعة «نُتْبِعُهُمُ» بالرفع فأسكن العين استثقالا توالى الحركات. والآخر: أن يكون جزما فيعطفه على قوله: نهلك، فيجرى مجرى قولك: ألم تزرنى ثم أعطك.. (المحتسب ٢/ ٣٤٦) (٣) سقطت فى ب. (٤) وقرأ نافع والكسائي وأبو جعفر بتشديد الدال من التقدير، وافقهم الحسن والباقون بالتخفيف من القدرة (الاتحاف ٤٣٠) . (٥) سورة الطارق، الآية: ١٧.