قوله عز وجل: وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) إلى آخر الآيات.
ذكر أنها الملائكة، وأنّ النزع نزعُ الأنفس من صدور الكفار، وهو كقولك: والنازعات إغراقًا، كما يُغرِق النازِع فِي القوس، ومثله:«وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً»(٢) . يُقال: إنها تقبض نفس المؤمن كما يُنْشطُ «١» العقال مِن البعير، والذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشَطتُ وكأنما أُنشِطَ من عقال، وربطها: نشطها، فإذا ربطتَ الحبلَ فِي يد البعير فأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته، وأنت منشط.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) .
الملائكة أيضًا، جعل نزولها من السماء كالسباحة. والعرب تقول للفرس الجواد [١٢٤/ ا] إنه لسابح «٢» : إِذَا مرَّ يتمطى «٣» .
وقوله عزَّ وجل: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) .
وهي الملائكة تسبق الشياطين «٤» بالوحي إلى الأنبياء إِذ كَانَت الشياطين تسترق السمع.
وقوله عزَّ وجل: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥) .
هِيَ الملائكة أيضًا «٥» ، تنزل بالحلال والحرام فذلك تدبيرها، وهو إلى اللَّه جل وعز، ولكن لما نزلت بِهِ سميت بذلك، كما قَالَ عزَّ وجلَّ:(نزل به الرّوح الأمين «٦» ) ، وكما قال:(فإنه نزّله على قلبك «٧» ) ، يعني: جبريل عَلَيْهِ السَّلام نزّله عَلَى قلب محمد صلّى الله عليهما وسلم، والله الذي
(١) ينشط العقال: ينزع، من قولهم: نشط الدلو: نزعها بلا بكرة. (٢) يقال: إنه لسابح، إذا مرّ يسرع. (٣) يتمطى: يجد فى السير. (٤) فى ش: تسبق الملائكة، تكرار. (٥) فى ش: وهى أيضا الملائكة. (٦) سورة الشعراء الآية: ١٩. (٧) سورة البقرة الآية: ٩٧.