وأما الذين غلبوا الذال فأمضوا القياس، ولم يلتفتوا إلى أنه حرف واحد، فأدغموا تاء الافتعال عند الذال والتاء والطاء.
ولا تنكرن اختيارهم الحرف بين الحرفين فقد قَالُوا: ازدجر ومعناها: ازتجر، فجعلوا الدال عدلا بين التاء والزاي. ولقد قال بعضهم: مزجر، فغلب الزاي كما غلب التاء. وسمعت بعض بني عقيل يقول: عليك بأبوال الظباء فاصعطها فإنها شفاء للطحل «١» ، فغلب الصاد على التاء، وتاء الافتعال تصير مع الصاد والضاد طاء، كذلك الفصيح من الكلام كما قال اللَّه عز وجل:(فمن اضطرّ فى مخمصة)«٢» ومعناها افتعل من الضرر. وقال اللَّه تبارك وتعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها)«٣» فجعلوا التاء طاء فِي الافتعال.
وقوله: وَمُصَدِّقاً (٥٠) نصبت (مصدقا) على فعل (جئت) ، كأنه قال: وجئتكم مصدقا لما بين يدي من التوراة، وليس نصبه بتابع لقوله (وجيها) لأنه لو كان كذلك لكان (ومصدّقا لما بين يديه) .
وقوله: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ (٥٢) يقول: وجد عِيسَى. والإحساس: الوجود، تقول فِي الكلام: هَلْ أحسست أحدا.
وكذلك قوله هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ «٥» .
(١) هو عظم الطحال. وهو مرض. وقوله: اصعطها: هو افتعال من الصعوط وهو لغة فى السعوط بإبدال السين صادا: وهو ما يستنشق فى الأنف. (٢) آية ٣ سورة المائدة. (٣) آية ١٣٢ سورة طه. (٤) آية ٧٥ سورة الأنعام. (٥) آية ٩٨ سورة مريم.