المعنى «١» - والله أعلم-: ولو شاء الله لاذهب سمعهم. ومن شأن العرب أن تقول «٢» : أذهبت بصره بالألف إذا أسقطوا الباء. فإذا أظهروا الباء أسقطوا الألف من «أذهبت» . وقد قرأ بعض القرّاء:«يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ»«٣» بضم الياء والباء في الكلام. وقرأ بعضهم:«وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ»«٤» . فترى- والله أعلم- أن الذين ضموا على معنى الألف شبَّهوا دخول الباء وخروجها من هذين الحرفين بقولهم: خذ بالخطام، وخذ الخطام، وتعلقت بزيد، وتعلقت زيدا. فهو «٥» كثير في الكلام والشعر، ولستُ أستحبُّ ذلك «٦» لقلَّته، ومنه «٧» قوله: «آتِنا غَداءَنا»«٨» المعنى- والله أعلم- ايتنا بغدائنا فلما أسقطت الباء زادوا ألفا في فعلت، ومنه قوله عز وجل:
«قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً»«٩» المعنى- فيما جاء «١٠» - ايتوني بِقطر أُفرِغ عليه، ومنه قوله:«فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ»«١١» المعنى- والله أعلم- فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة.
وقوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ... (٢٣)
الهاء كناية عن القرآن فأتوا بسورة من مثل القرآن. وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ يريد آلهتكم. يقول: استغيثوا بهم وهو كقولك للرجل: إذا لقيت العدو خاليا فادع المسلمين. ومعناه: فاستغث واستعن «١٢» بالمسلمين.
(١) فى ش، ج: «ومعناه» . (٢) فى ش، ج: «أن يقولوا» . (٣) آية ٤٣ سورة النور. وهذه قراءة أبى جعفر. (٤) آية ٢٠ سورة المؤمنون. وهذه قراءة ابن كثير وأبى عمرو. (٥) يريد المشبه به من قولهم: خذ بالخطام وما بعده. (٦) يريد الجمع بين صيغة الإفعال والباء. وهو المشبه. (٧) رجوع لأصل الكلام فى قوله: «ومن شأن العرب ... » . (٨) آية ٦٢ سورة الكهف. (٩) آية ٩٦ سورة الكهف. (١٠) «فيما جاء» : ساقط من ج، ش. (١١) آية ٢٣ سورة مريم. (١٢) «واستعن» : ساقطة من ج، ش.