ثم قال: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ فالوجه هاهنا الرفع لأن الجبال لا تتبع النبات ولا الثمار. ولو نصبتها عَلَى إضمار: جعلنا لكم (من الجبال جددًا بيضًا) كما قَالَ الله تبارك وتعالى: خَتَمَ «١» اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ أضمرَ لَهَا جَعَلَ إِذَا نصبت كما قَالَ: وَخَتَمَ «٢» عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً والرفع فِي غشاوة الوجه. وقوله: وَمِنَ «٣» النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ولم يقل:
ألوانهم، ولا ألوانها. وَذَلِكَ لِمكان (مِنْ) والعرب تُضمر من فتكتفي بِمن مِن مَنْ، فيقولون: مِنا مَنْ يقول ذَلِكَ ومِنّا لا يقوله. ولو جمع عَلَى التأويل كَانَ صوابًا مثل قول ذي الرّمة:
فظلُّوا ومنهم دمعه سابق له ... وآخر يثنى دمعة العين بالمهل «٤»
(١) آية ٧ سورة البقرة. (٢) آية ٢٣ سورة الجاثية. (٣) آية ٢٨ سورة فاطر. (٤) المهل: التؤدة والسكينة. وفى الديوان ٤٨٥: «بالهمل» . وكأنها الصحيحة لقوله بعد: وهل هملان العين راجع ما مضى ... من الوجد أو مدنيك يا ميّ من أهلى