ماضيا فإن جئت بيكون مع عسى وكاد صلح ذلك فقلت: عسى أن يكون قد ذهب كما قال الله: «قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ»«١» .
وقوله: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ يعني نُطَفا «٢» ، وكل ما فارق الجسد من شعر أو نُطْفة فهو ميتة والله أعلم. يقول: فأحياكم من النُّطَف، ثُم يميتكم بعد الحياة، ثم يحييكم للبعث.
الاستواء في كلام العرب على جهتين: إحداهما أن يستوى الرجل [و]«٣» ينتهى شبابُه، أو يستوي عن اعْوِجاج، فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول: كان مقبلا على فلان ثم استوى على يُشاتمني وإلى سَوَاءٍ «٤» ، على معنى أَقْبَلَ إلى وعليّ فهذا معنى قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ والله أعلم. وقال «٥» ابن عباس: ثم استوى إلى السماء: صعِد، وهذا كقولك للرجل: كان قائما فاستوى قاعدا، وكان قاعدا فاستوى قائما. وكلٌّ في كلام العرب جائزٌ.
فأما قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ فإن السماء في معنى جمع، فقال «فَسَوَّاهُنَّ» للمعنى المعروف أنهنّ سبعُ سَمَوَاتٍ. وكذلك الأرض يقع عليها- وهى واحدة- الجمع. ويقع عليهما التوحيدُ وهما مجموعتان، قال الله عز وجل:«رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ»«٦» . ثم قال:«وَما بَيْنَهُما» ولم يقل بينهن، فهذا دليل على ما (قلت «٧» لك) .
(١) آية ٧٢ سورة النمل. (٢) فى ش: «يعنى النطف» . [.....] (٣) فى الأصول «أو» بدل الواو. (٤) فى ج، ش: «استوى علىّ وإلىّ يشاتمنى» وكذا فى اللسان. (٥) فى أ: «وقد قال» . (٦) آية ٥ سورة والصافات. (٧) فى أ: (أخبرتك) .