تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}(١)، وقوله:{وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} عطف النهار على الليل، ونصب {مُبْصِرًا} على الحال.
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٥)} قال الفراء (٢): هو خبرٌ، وفيه إضمارُ الأمرِ، مجازه: فادْعُوهُ واحْمَدُوهُ، وقال ابن عبّاسٍ:"من قال: لا إله إلا اللَّه فَلْيَقُلْ على إثْرِها: الحمد للَّهِ رَبِّ العالَمِينَ"(٣)، و {مُخْلِصِينَ} منصوبٌ على الحال.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} يعني آدم عليه السّلام {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} يعني ذريته {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} يعني: مثل الدم {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} يعني: أطفالًا، قال يونس: العرب تجعل الطفل للواحد والجماعة، نظيره قوله:{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}(٤)، وهو منصوبٌ على الحال، وقد ذكرتُ نظيرها فِي سورة الحج (٥).
قوله تعالى:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} يعني: عذابنا {قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} نصبٌ على المصدر {وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤)}؛ أي: تَبَرَّأْنا مما كُنّا نعبد من دون اللَّه ونَعْدِلُ به {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} يريد: هذا قضاءٌ في خَلْقِي أنّ مَنْ كَذَّبَ أنبيائي وجَحَدَ
(١) الزخرف ٣، ومن أول قوله: "وجعل هاهنا بمعنى خلق"، قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٠. (٢) لَمْ أقف على هذا القول في معانِي القرآن، وإنما هو في مجمع البيان ٨/ ٤٥٣، وتفسير القرطبي ١٥/ ٣٢٩. (٣) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٣٨ كتاب التفسير: سورة "حم" المؤمن، وينظر: فتح الباري ١١/ ١٧٥، الدر المنثور ٥/ ٣٥٧. (٤) النور ٣١، وانظر ما تقدم ١/ ٣٢٢. (٥) الآية ٥: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: ٥]، وانظر ما تقدم ١/ ٢٢٩.