قوله تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} نصبٌ على النداء المضاف، وقال صاحب إنسان العين: هو (١) منصوبٌ بإضمار فعلٍ؛ لأن {اللَّهُمَّ} فِي معرض الأصوات، ولا يوصف؛ ولأنه في غاية المعرفة، فلا يُعَرَّفُ بالصِّفةِ (٢).
والحَقُّ أنه (٣) بِمَنْزِلةِ: يا أللَّهُ يا فاطِرَ السماواتِ، وقد ذكرتُ نظيرها في سورة آل عمران، في قوله تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}(٤).
= ٢/ ٢٥٩، ولكن سيبويه ذكر أن يونس ينصب "وَحْدَهُ" على الظرف، فقال: "وزعم يونس أن "وَحْدَهُ" بِمَنْزِلةِ "عِنْدَهُ"، وجعل يونس نصب "وَحْدَهُ" كأنك قلت: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ على حِيالِهِ، فطُرِحَتْ "عَلَى"، فمِنْ ثَمَّ قال: هو مثل "عِنْدَهُ"، وهو عند الخليل كقولك: مررت به خصوصًا". الكتاب ١/ ٣٧٧، ٣٧٨، وهذا ما حكاه عنه ابن السراج في الأصول ١/ ١٦٦، وحكاه الجوهري والأنباري وابن بَرِّيِّ عن يونس وعن الكوفيين، ينظر: الصحاح للجوهري ٢/ ٥٤٧، البيان للأنباري ٢/ ٣٢٤، التنبيه والإيضاح لابن بري ٢/ ٦٠. (١) يعني قوله تعالى: "فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ". (٢) انتهى كلام السجاوندي، وهو موافق لِمَذْهَبِ سيبويه من جهةِ أن "فاطر السماوات" ليس نعتا لقوله: "اللهم"، ولكنه مُخالِفٌ لقول سيبويه من جهةٍ أخرى، وهي أن "فاطر" منصوب على تكرير حرت النداء عند سيبويه، ولكنه عند السجاوندي منصوب بفعل مضمرٍ، فقد قال سيبويه: "وقال الخليل، رحمه اللَّه: اللَّهُمَّ نداء، والميم هاهنا بدل من "يا"، فهي هاهنا، فيما زعم الخليل، آخرَ الكلمةِ بِمَنْزِلةِ "يا" في أولها. . . وإذا ألْحَقْتَ الميمَ لَمْ تَصِف الاسم، من قِبَلِ أنه صار مع الميم عندهم بمَنْزِلةِ صَوْتٍ، كقولك: يا هَناهُ، فأما قوله تعالى: {اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: ٤٦]، فعلى "يا"، فقد صَرَّفُوا هذا الاسمَ على وجوهٍ؛ لكثرته في كلامهم، ولأن له حالًا ليست لغيره". الكتاب ٢/ ١٩٦ - ١٩٧. (٣) يعني قوله تعالى: {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ} [الزمر: ٤٦]. (٤) آل عمر ان ٢٦.