كله حَسَن، وإنما معنى الآية: الْتَزِمُوا طاعَتَهُ، واجْتَنِبُوا مَعْصِيَتَهُ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً} يعني: فجأة، نصب على الحال {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥)} بإتيان العذاب.
قوله تعالى:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ} يعني: لِئَلَّا تقول، كقوله:{أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}(١)، {أَنْ تَضِلُّوا}(٢) ونحوِها (٣)، {يَاحَسْرَتَا}؛ أي: يا نَدامَتا، ويا حُزْنا، والتحسر: الاغتمام على ما فات، يسمى بذلك لانحساره عن صاحبه بما يمتنع عليه استدراكُه وتَلافِي الأمْرِ فيه.
والألف في قوله:"يا حَسْرَتا" هي ياء المتكلم، وإنما أريد:"يا حَسْرَتِي"(٤) على الإضافة، ولكن العرب تُحَوِّلُ الياءَ التي هي كنايةُ اسمِ المتكلم في الاستغاثة ألِفًا، تقول: يا ويلَتا ويا نَدَما، فيُخْرِجُونَ ذلك على لفظ الدعاء،
(١) النحل ١٥، ولقمان ١٠. (٢) النساء ١٧٦. (٣) هذا قول الكوفيين، يُضْمِرُونَ اللامَ قبل "أنْ"، و"لا" بعدها، قال الفراء: "وقوله: "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أنْ تَضِلُّوا" معناه: ألَّا تضلوا، ولذلك صلحت "لا" في موضع "أنْ"، هذه محنة لـ "أنْ"، إذا صلحت في موضعها "لِئَلَّا" و"كَيْلا" صلحت لا". معاني القرآن ١/ ٢٩٧، وكرره في المعاني ١/ ٣٦٦، ٢/ ٣٢٧، ٣٨٣، ٤٢١، وينظر: شرح القصائد السبع لابن الأنباري ص ٤٢٠ - ٤٢١، وبه قال الهروي في الأزهية ص ٧٠، ومذهب البصريين أن "أنْ" وما بعدها في موضع نصب مفعول له على تقدير حذف مضاف، أي: مَخافةَ أن تقول نفسٌ أو كَراهةَ أن تقول نفس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٥٩، إعراب القرآن ٤/ ١٧، أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ١٦٠ - ١٦١، الجنى الدانِي ص ٢٢٤، ٢٢٥، مغني اللبيب ص ٥٥. (٤) وقد قرأ بها الحسنُ وأبو جعفر، ينظر: البحر المحيط ٧/ ٤١٧، الإتحاف ٢/ ٤٣١.