قوله:{ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ} يعني: بالماء {زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} مِنْ بَيْنِ أحْمَرَ وأخْضَرَ وأصْفَرَ، مختلفٍ فِي طعمة ورائحته، وإنما قال:{مُخْتَلِفًا} لأنه قدم النعت على الاسم، فلذلك نصب، نظيره في سورة الملائكة (١).
وقوله:{ثُمَّ يَهِيجُ} يعني: من بعد الخُضْرةِ والحُسْنِ، يقال: هاجَتِ الأرضُ: إذا ذَوَى (٢) ما فيها من الخُضْرةِ {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} مُتبَقِّعًا لَوْنُهُ، نظيره في سورة الحديد (٣)، وهو منصوبٌ على الحال.
قوله تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} يعني: القرآن، أكْمَلُهُ بُرْهانًا، وأجْمَعُهُ بيانًا، وأعْدَلُهُ حُكْمًا، وأفْصَحُهُ نَظْمًا {كِتَابًا مُتَشَابِهًا}[يُشْبِهُ] بعضُهُ بعضًا في الحسن، ويُصَدِّقُ بعضُهُ بعضًا (٤)، ليس فيه تناقضٌ ولا اختلافٌ، وقيل (٥): لأن الآية منه تُشْبِهُ الآيةَ، والكلمة تشبه الكلمة، وسُمِّيَ حَدِيثًا؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُحَدِّثُ به قومه، ويخبرهم ما يُنَزَّلُ عليه منه. ونصب {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} على البدل من {أَحْسَنَ}.
وقوله:{مَثَانِيَ} يعني: وعدًا ووعيدًا، وأمرًا ونهيًا، مشتملًا على البركة والشفاءِ في الدنيا، والرحمةِ والثوابِ والعقابِ في الآخرة، وهو جمعُ مَثْنَى،
(١) فاطر ٢٧، وهي قوله تعالى: {ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا}، وينظر ٢/ ١٩٩. (٢) ذَوَى الزَّرْعُ: ذَبَلَ وجَفَّ. اللسان: ذوي. (٣) وهي قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الحديد: ٢٠]، وينظر ما سيأتي ٣/ ٣٤١. (٤) هذا قول سعيد بن جبير والنحاس، ينظر: جامع البيان ٢٣/ ٢٥٠، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ١٦٨، الكشف والبيان ٨/ ٢٣٠، الوسيط للواحدي ٣/ ٥٧٨. (٥) قاله قتادة والسدي، ينظر: جامع البيان ٢٣/ ٢٥٠، الكشف والبيان ٨/ ٢٣٠، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٤٩.