قوله تعالى {لَهُمْ} يعني: للكفار {مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أطباقٌ وسُرادِقاتٌ من النارِ ودُخانِها، وهي رفعٌ على خبر اللام الزائدة في قوله:{لَهُمْ}، {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} فِراشٌ ومِهادٌ من نارٍ، وإنما سُمِّيَ الأسفلُ ظُلَلًا؛ لأنها ظُلَلٌ لِمَنْ تَحْتَهُمْ، نظيرها قوله تعالى:{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ}(٢)، قال ثعلب (٣): قلتُ لابن الأعرابيِّ: ظُلَلٌ مِنْ فوقهم، كيف تكون الظلل من تحتهم؟ قال: الظُّلَلُ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ لِمَنْ تَحْتَهُمْ من الطَّبَقِ الثانية، فهي لهم -يعني: لِمَنْ فَوْقَهُمْ- بِساطٌ، وهي لِمَنْ تَحْتَهُمْ ظُلَلٌ، وهكذا هَلُمَّ جَزا حتى يَنْتَهِيَ إلى القعر من النار، أجارنا اللَّه منها.
قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ}؛ أي: فَأدْخَلَهُ {يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} نصبٌ على الظرف؛ أي: عُيُونٌ تَنْبُعُ، جمع يَنْبُوعِ وهو يَفْعُولٌ (٤) من: نَبَعَ الماءُ يَنْبَعُ، والينابيع: الأمكنة التي يَنْبُعُ منها الماء.
(١) فصلت ٤٠. (٢) الأعراف ٤١. (٣) حكاه عنه أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٤٤٤ - ٤٤٥، والأزهري في تهذيب اللغة ١٤/ ٣٦٠. (٤) في الأصل: "مفعول"، وهو خطأ. وينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٩٠، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ١٦٥، تهذيب اللغة ٣/ ٨.