في الفترة، وهو معنى قوله: {فَهُمْ غَافِلُونَ (٦)} عن حُجَجِ التوحيد وأدلة البعث {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ} وَجَبَ العذابُ {عَلَى أَكْثَرِهِمْ} يعني أكثر أهل مكة كقوله: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}(١)، وهذا إشارة إلى الإرادة السابقة بكفرهم، {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)} لأنّ اللَّه تعالى منعهم الهدى.
قوله تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} جمع غُلٍّ {فَهِيَ} يعني أيديهم، كنايةً عن غير مذكورٍ؛ لأنّ الأغلال والأعناق تدل عليها، وذلك أن الغُلَّ يَجْمَعُ اليدَ إلى العنق (٢).
وقوله:{إِلَى الْأَذْقَانِ} جمع ذقن وهو مُلْتَقَى اللِّحْيَيْنِ {فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨)}؛ أي: مغلولون.
نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشامٍ وأصحابه المَخْزُومِيِّينَ (٣)، قال أهل المعاني (٤): وهذا على طريق المَثَلِ، ولَمْ يكن هناك غُلٌّ، قال الفراء (٥): معناه: حَبَسْناهُمْ عن الإنفاق في سبيل اللَّه، كقوله تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}(٦)، معناه: لا تُمْسِكْها عن النفقة، وقيل: منعناهم عن الإيمان، وعَمّا أرادوا بموانعَ، فجَعَلَ الأغلالَ مَثَلًا لذلك، قاله أبو عُبيدٍ (٧)، وذُكِرَ أن أبا ذُؤيبٍ
(١) الزمر ٧١. (٢) قاله الفراء والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٧٢، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٧٩، وينظر أيضًا: عين المعانِي ١٠٩/ ب. (٣) ينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٧، الدر المنثور ٥/ ٢٥٨، لباب النقول ص ١٦٦. (٤) هذا قول أبي عبيد كما فِي الكشف والبيان ٨/ ١٢١. (٥) معانِي القرآن ٢/ ٣٧٣. (٦) الإسراء ٢٩. (٧) ينظر قول أبي عبيد في الكشف والبيان ٨/ ١٢١.