{مَا لَبِثُوا} فِي القبور {غَيْرَ سَاعَةٍ}: نصبٌ على الاستثناء؛ أي: إلّا ساعةً واحدة، {كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥)} يقال: أُفِكَ فُلانٌ: إذا صُرِفَ عن الصدق وعن الخير.
قوله:{فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ} قال ابن عباس: لا يُقْبَلُ من الذين أشركوا عذرٌ ولا عتاب ولا توبةٌ ذلك اليومَ، وقرئ:{فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ} بالياء (١)، وهي قراءة الكوفيِّين؛ لأن التأنيث ليس بحقيقي في المعذرة، وقد وقع الفصل بين الفاعل وفعله فقَوِيَ التَّذْكِيرُ (٢)، وقرأ الباقون بالتاء.
وقوله: {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)} يعني: لا تُطْلَبُ منهم العُتْبَى والرجوعُ في الآخرة.
قوله تعالى:{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} احتجاجًا عليهم وتنبيهًا لهم، {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ} يا محمد {بِآيَةٍ} مثلَ: العصا واليد البيضاء {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ}؛ أي: ما أنت يا محمدُ وأصحابُك {إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨)} أصحاب أباطيل، وقوله:{لَيَقُولَنَّ} فُتحت اللام التي قبل النون؛ لأنه فعل متقدِّم لا ضمير فيه (٣).
(١) قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف والحسن والأعمش: {لَا يَنْفَعُ} بالياء، وقرأ الباقون بالتاء، ينظر: السبعة ص ٥٠٩، حجة القراءات ص ٥٦٢، النشر ٢/ ٣٤٦، الإتحاف ٢/ ٣٦٠. (٢) قاله الفارسي في الحجة للقراء السبعة ٣/ ٢٧١. (٣) قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٧٣، ومعناه أن هذا الفعل لو كان مسندًا إلى واو الجماعة لَضُمَّتْ هذه اللامُ كما في قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} هود ٨.