{ظُلْمًا وَعُلُوًّا} قال الزَّجّاج (١): التقدير: وجحدوا بها ظلمًا وعلوًّا؛ أي: شِرْكًا وتَكَبُّرًا، وهما منصوبان على الحال مثل: أَحْمَدُ اللَّهَ شُكْرًا، وقيل: هما مصدران في موضع الحال (٢).
قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} وهو وادٍ بالشام معروفٌ عند العرب (٣)، وقال كعب (٤): هو بالطائف، {قَالَتْ نَمْلَةٌ} عَرْجاءُ تُسَمَّى مُنْذِرةً، لها جناحان:{يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} كان وجه الكلام أن يقول: ادخلي مَسْكَنَكِ، فلما خاطبها بفعل الآدميِّين أجرى فعلها كفعل الآدميين المُمَيِّزِينَ؛ لاختصاصها بخاصيّة الآدميِّين (٥) كقوله تعالى: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}(٦)، وقد جاء: أكلوني البراغيث، وقرأ أُبَيٌّ:{ادْخُلُنَ مَسَاكِنَكُنَّ}(٧)، {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ
(١) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١١. (٢) والمعنى: جَحَدُوا بِها ظالِمِينَ وعالِينَ، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٠٦، الفريد للهمدانِي ٣/ ٦٧٦، الدر المصون ٥/ ٣٠٠. (٣) قاله قتادة ومقاتل، ينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٩٧، الوسيط ٣/ ٣٧٣، عين المعاني ورقة ٩٥/ ب، تفسير القرطبي ١٣/ ١٦٩. (٤) قول كعب الأحبار في الكشف والبيان ٧/ ٩٧، الوسيط ٣/ ٣٧ تفسير القرطبي ١٣/ ١٦٩. (٥) وخاصِّيَةُ الآدميين هنا هي الكلام والخطاب، قال سيبويه: "وأما {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} و {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} و {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} فزعم [يعني الخليل] أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لَمّا ذَكَرَهُمْ بالسجود، وصار النمل بتلك المنزلة حين حَدَّثْتَ عنه كما تُحَدِّثُ عن الأناسيِّ. . . فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تُؤْمَرُ وتُطِيعُ، وتفهم الكلام وتَعْبُدُ بِمَنْزِلةِ الآدميين". الكتاب ٢/ ٤٧، ٤٨ وينظر أيضًا: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٥، معاني القرآن للأخفش ص ٩٠، ٣٦٢، ٤٦٥، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١١٢، إعراب القرآن ٣/ ٢٠٢. (٦) يوسف ٤. (٧) في الأصل: "مساكنكم"، وانظر قراءة أُبَيٍّ في تفسير القرطبي ١٣/ ١٧٠، والبحر المحيط ٧/ ٥٩.