الاخْتِصارَ إرادةَ التخفيفِ والإيجازِ؛ لأن افْتِنانَ المتكلم والخطيب وَخُرُوجَهُ من شيء إلْى شيء أفْضَلُ من اقتصاره في المقام على شيء واحدٍ، قال اللَّه تعالَى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}(١) و {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}(٢) في غَيْرِ موضعٍ في سورةٍ واحدةٍ، وقد يقول القائل: ارْمِ ارْمِ، عَجِّلْ عَجِّلْ.
ومنه الحديث أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صَعِدَ المِنْبَرَ ذاتَ يَومٍ فقال:"إنَّ بَنِي مَخْزُومٍ اسْتَأْذَنُوا أنْ يُنْكِحُوا فَتاتَهُمْ عَلِيًّا، فَلا آذَنُ، فَلَا آذَنُ، إنَّما فاطِمةُ بِضْعةٌ مِنِّي (٣)، يَسُوؤُها ما يَسُوؤُنِي، وَيَسُرُّها ما يَسُرُّنِي"(٤)، ومنه قول الشاعر:
(١) الرحمن ١٣ وغيرها من السورة. (٢) المرسلات ١٥ وغيرها من السورة. (٣) بَضْعةٌ مِنِّي؛ أي: قِطْعةٌ مِنِّي، يُقال بفتح الباء وكسرها. اللسان: بضع. (٤) رواه الإمام أحمد بسنده عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمةَ في المسند ٤/ ٣٢٨، والبخاري في صحيحه ٦/ ١٥٨ كتاب النكاح: باب ذبِّ الرَّجُلِ عن ابنته، ومسلم في صحيحه ٧/ ١٤١ كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل فاطمة. (٥) البيت من مجزوء الكامل، لِعَبِيدِ بنِ الأبْرَصِ يُخاطِبُ امْرَأ القَيْسِ، ويُنْكِرُ عليه تَهْدِيدَهُ لِبَنِي أسَدٍ بعد قَتْلِهِمْ أباه حُجْرًا، ورواية ديوانه: "إذْ تَوَلَّوْا". التخريج: ديوانه ص ١٣٦، معانِي القرآن للفراء ١/ ١٧٧، الشعر والشعراء ص ٢٦٧، تأويل مشكل القرآن ص ١٨٦، ٢٣٦، الأغانِي ١٩/ ٨٥، إعراب ثلاثين سورة ص ١٦٨، الكشف والبيان ١٠/ ٣١٦، شرح أدب الكاتب للجواليقي ص ٨٥، مختارات ابن الشجري ص ٣٣١، عين المعانِي ورقة ٨٣/ ب، منتهى الطلب ٢/ ١٦٧، التبيان للطوسي ١/ ١٥، مجمع البيان ١٠/ ٤٦٤، زاد المسير ١/ ٢٠٨، ٨/ ١١١، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٢٧، الدر المصون ٦/ ٥٨٠، المقاصد النحوية ١/ ٤٩١، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٥٣١، شرح شواهد المغني ص ٢٥٨، خزانة الأدب ٢/ ٢١٤، فتح القدير ٥/ ٥٠٧.