تَمُوتُ حَتَّى تُعادَ كما كانت فتأكله، فذلك دَأبُها أبَدًا (١)، -أجارنا اللَّه منها-، {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)}؛ أي: مُطْبَقةٌ، وقد تقدم شَرْحُهُ في آخر سورة البلد (٢).
وقوله: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)}؛ أي: بعَمَدٍ مَمْدُودةٍ (٣)، قرأ أهل الكوفة إلّا حَفْصًا بِضَمَّتَيْنِ، وقرأ غيرهم بالنصب (٤)، وهو الاختيار؛ لقوله تعالَى:{رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}(٥)، وقرأ عبد اللَّه:"بِعَمَدٍ"؛ أي: مُؤْصَدةٌ بعَمَدٍ منه مَمْدُودةٍ، وقرأ ابنُ أبِي لَيْلَى:"فِي عُمْدٍ مُمَدَّدةٍ" بالتخفيف (٦)، وهما (٧) جمعان لِلْعَمُودِ مثل: أدِيمٍ وَأدَمٍ وَأفِيقٍ وَأفَقٍ وَقَضِيمٍ وَقَضَمٍ، قاله الفَرّاءُ (٨)، وقال أبو
(١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٦٤/ أ. (٢) الآية ٢٠، وهي قوله، تعالَى: "عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدةٌ"، وينظر ما سبق ٤/ ٤٤٠. (٣) يعني أن "في" بمعنى الباء، قال النحاس: "قال ابن زيد: "في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ"؛ أي: هُمْ مُغَلَّلُونَ بعَمَدٍ من حديد، قد احترقت فصارت نارًا". إعراب القرآن ٥/ ٢٩٠، وينظر: زاد المسير ٩/ ٢٣٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٥. (٤) يعني بفتح العين والميم من قوله: "عَمَدٍ". (٥) الرعد ٢. (٦) خلاصة هذه القراءات: أنه قرأ عَلِيٌّ وابنُ مسعود وَزَيْدُ بنُ ثابِتٍ، وَعاصِمٌ في رواية أبِي بَكْرٍ عنه، والكِسائِيُّ وَحَمْزةُ وَخَلَفٌ والحَسَنُ والأعْمَشُ: "عُمُدٍ" بضمتين، وقرأ ابنُ كثِيرٍ وَنافِعٌ وأبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ، وَحَفْصٌ عن عاصم: "عَمَدٍ" بفتحتين، وقرأ الأعْمَشُ، وَهارُونُ عن أبِي عَمْرٍو: "عُمْدٍ"، ولَمْ أقف على أنها قراءة لابن أبِي ليلى، وقرأ الأعْرَجُ والأعْمَشُ أيضًا: "عَمْدٍ"، وقرأ ابن مسعود والأعمش: بِعَمَدٍ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٩٠، ٢٩١، السبعة ص ٦٩٧، مختصر ابن خالويه ص ١٨٠، إعراب القراءات السبع ٢/ ٥٣٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٦، البحر المحيط ٨/ ٥١٠. (٧) يعني العُمُدَ والعَمَدَ. (٨) قال الفراء: "والعُمُدُ والعَمَدُ جمعان لِلْعَمُودِ، مثل الأدِيمِ والأُدُمِ والأدَمِ، والإهابِ والأُهُبِ والأهَبِ، والقَضِيمِ والقُضُمِ والقَضَمِ". معانِي القرآن ٣/ ٢٩١. =