نُبَيِّنَ طَرِيقَ الهُدَى من طريق الضلال، واللام لام توكيد دخلت على الهدى، فحُذفت الألف لئلا تشبه "لا" التي للنفي، ولالتصاق اللام بما بعدها (١)، وكذا قوله: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)} يعني: الدنيا والآخرة.
قوله:{فَأَنْذَرْتُكُمْ} يا أهل مكة {نَارًا تَلَظَّى (١٤)} يعني: على الكفار، وقرأ عبيد بن عمير:{تَلَظَّى} على الأصل، [وقرأ البَزِّيُّ:{نَارًا تَّلَظَّى} بتشذيد التاء] (٢)، وقرأ غيرهما على الحذف (٣)، وهو فعل مستقبل، والأصل فيه: تتَلَظَّى، فأدغمت التاء بالتاء.
ومعنى {تَلَظَّى}: تَوَهَّجُ وَتَلْتَهِبُ وَتَأجَّجُ {لَا يَصْلَاهَا}؛ أي: لا يدخلها {إِلَّا الْأَشْقَى (١٥)} يعني المشرك {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)} كَذبَ بِاللَّهِ وَرُسلِهِ وَكُتُبِهِ، وَتَوَلَّى عن طاعة اللَّه.
{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧)} يعني: المُتَّقِي رَبَّهُ التّارِكُ مَحارِمَهُ {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)} يطلب أن يكون عند اللَّه زاكِيًا رغبةً إليه وَتَقَرُّبًا، لا يطلب رِياءً ولا سُمْعةً {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩)}؛ أي: لا يُرِيدُ مُكافَأةَ أحَدٍ فَيُجازِيهُ عليها، ولا يَتَصَدَّقُ لِيُكافَأ على صَدَقَتِهِ ولا على نِعْمةٍ أُنْعِمَ بِها عَلَيْهِ {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ
(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٤٣. (٢) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق. (٣) قرأ عبد اللَّه بن مسعود وابن الزبير وزيد بن عَلِيّ وَعُبَيْدُ بن عُمَيْرٍ وسفيانُ بن عُيَيْنةَ وعمرو ابن دينار وطلحة بن مصرف: "تَتَلَظَّى" بتاءين، وقرأ ابن كثير في رواية البَزِّيِّ عنه ورويسٌ: {نَارًا تَّلّظَّى} لإدغام التنوين في التاء، ينظر: السبعة ص ٦٩٠، مختصر ابن خالويه ص ١٧٥، إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٩٣، تفسير القرطبي ٢٠/ ٨٦، البحر المحيط ٨/ ٤٧٨، الإتحاف ٢/ ٦١٤.