{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣)} يعني: كان فِي الدنيا مَسْرُورًا باتِّباعِ هَواهُ وَرُكُوبِ شَهْوَتهِ {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)}؛ أي: لن يرجع إلَى الآخرة ولن يُبْعَثَ، والحَوْرُ: الرُّجُوعُ إلَى الشيء، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعُوذُ بِكَ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ"(١)، فالحَوْرُ: التَّأخُّرُ والنُّقْصانُ، والكَوْرُ: التَّقَدُّمُ والزيادة، قال ابن عباس (٢): كنتُ لا أدرى ما معنى "يَحُورَ" حتى سَمعْتُ أعْرابِيّةً تدعو بُنَيّةً لها تقول: حُورِي حُورِي؛ أي: ارْجِعِي، قال الشاعر:
ثم قال تعالى:{بَلَى}؛ أي: لَيَحُورَنَّ وَلَيُبْعَثَنَّ {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)} يعني: بصيرا به مِنْ يَوْمِ خَلْقِهِ إلَى أنْ بَعَثَهُ.
قوله تعالى:{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}"لا" زائدة، معناه: فَأُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وهو الحُمْرةُ التِي تَبْقَى بِالأُفُقِ بعد غروب الشمس، وَبِغَيْبُوبَتِهِ يَتَعَلَّقُ أوَّلُ وَقْتِ
(١) هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن عبد اللَّه بن سَرْجِسَ في المسند ٥/ ٨٢، ٨٣، ورواه مسلم في صحيحه ٤/ ١٠٥ كتاب الحج: باب ما يقول إذا ركب إلَى سَفَرِ الحَجِّ وَغَيْرهِ. (٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ١٦٠، الكشاف ٤/ ٢٣٥، المحرر الوجيز ٥/ ٤٥٨، عين المعانِي ورقة ١٤٣/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٧٣، تفسير الثعالبي ٥/ ٥٦٩. (٣) البيت من الطويل، لِلَبِيدِ بن ربيعة. التخريج: ديوانه ص ٨٨، العين للخليل ٣/ ٢٨٧، الشعر والشعراء ص ٢٧٨، الزاهر لابن الأنباري ١/ ٢٥، الأغانِي ١٤/ ٩٩، الكشاف ٤/ ٢٣٥، أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ٢٢٨، عين المعانِي ورقة ١٤٣/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٧٣، التذكرة الحمدونية ٦/ ١٤، محاضرات الأدباء ٢/ ٤٩١، الحماسة البصرية ص ٦٢٢، اللسان: حور، زاد المسير ١/ ٢٢٦، ٦/ ٤٥٠، ٩/ ٦٥، البحر المحيط ٨/ ٤٣٦، ارتشاف الضرب ص ١١٦٤، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٢٣٣، همع الهوامع ١/ ٣٥٨.