السماء انشقت، لَقِيَ كُلُّ كادِحٌ ما عَمِلَهُ، وقيل (١): جوابه: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}، وتكون الواو زائدةً مقحمةً، معناه: إذا السماء انشقت أذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ.
قال ابن الأنباري (٢): وهذا غلط؛ لأن العرب لا تُقْحِمُ الواوَ إلا مع {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا}، كقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}(٣)، ومع "لَمّا"، كقوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ} (٤)، معناه: نادَيْناهُ، فالواو لا تُقْحَمُ مع غير هذين الوجهين. قال (٥): ويجوز أن يكون الجواب فاءً مضمرةً، كأنه قال: إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ فَيا أيُّها الإنسان إنَّكَ كادِحٌ.
ومعنى قوله:{كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا}؛ أي: عامِلٌ واصِلٌ به إلَى رَبِّكَ عَمَلًا، والكَدْحُ: عَمَلُ الإنْسانِ من الخير والشر (٦)، يقال: كَدَحَ فِي كذا: إذا جَدَّ فيه واجتهد، والكادِحُ: الكادُّ الكاسِبُ، ويقال (٧): فُلانٌ يَكْدَحُ على عِيالِهِ وَلِعِيالِهِ؛ أي: يَعْمَلُ وَيَكْتَسِبُ.
= والمبرد، ينظر: المحرر الوجيز ٥/ ٤٥٧، البحر المحيط ٨/ ٤٣٨، وأما في المقتضب فإن المبرد يرى أن الجواب هو قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}. المقتضب ٢/ ٧٧. (١) هذا قول الكوفيين والأخفش، ينظر: معانِي القرآنَ للفراء ٣/ ٢٤٩، المقتضب للمبرد ٢/ ٧٧، ٧٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٥٤، سر صناعة الإعراب ص ٦٤٦، الإنصاف ص ٤٥٦. (٢) إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٧١. (٣) الزمر ٧٣. (٤) الصافات ١٠٣ - ١٠٤. (٥) يعني ابن الأنباري. (٦) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٢/ أ، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ٤/ ٩٤، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٥٩، الوسيط ٤/ ٤٥٢. (٧) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٦٤، والجوهوي فِي الصحاح ١/ ٣٩٨.