ألِفُ "ما" للفرق بين الاستفهام والخبر كقولهم: فِيمَ؟ وَبِمَ؟ (١)، وفعلوا ذلك لبعض أحْرُفٍ من حُرُوفِ الخَفْضِ وهي:"عَلَى" و"إلَى" و"في" و"مِنْ" و"عَنْ" والَّلامُ والباءُ، وَألْحَقُوا بها ثامِنًا من غيرها وهي "حَتَّى"(٢)، والمعنى: عَنْ أيِّ شَيْءٍ يَتَساءَلُونَ هَؤُلاءِ الكُفّارُ؟ وذلك أنهم اختلفوا واختصموا فِي أمْرِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمّا بَعَثَهُ اللَّهُ، وأخبرهم بتوحيد اللَّه والبَعْثِ بعد الموت، وَتَلا عليهم القرآنَ، فجعلوا يتساءلون بينهم ويقولون: ماذا جاء به محمد؟ فأنزل اللَّه:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}(٣).
قال الزَّجّاجُ (٤): اللفظ لفظ سؤالٍ واستفهامٍ، والمعنى تفخيمُ القصة، كما تقول: أيُّ شَيْءٍ زَيدٌ؟ وَأيُّ شَيْءٍ زَيدٌ؟ إذا عَظَّمْتَ شَأْنَهُ، قال ابن الأنباري (٥):
(١) وأجاز الفراء إثبات هذه الألف في الاستفهام، فقال: "نقصت الألف من "ما" ليعرف الاستفهام من الخبر، ومن ذلك قوله: {فِيمَ كُنْتُمْ} و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، وإنْ أتْمَمْتَها فَصَوابٌ، وأنشدني المفضلُ: إنّا قَتَلْنا بقَتْلَانا سَراتَكُمُ... أَهْلَ اللِّواءِ، فَفِيما يَكْثُرُ القِيلُ وأنشدنِي المفضلُ أَيضًا: عَلَى ما قامَ يَشْتُمُنا لَئِيمٌ... كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمادِ. . " معاني القرآن ٢/ ٢٩٢، وقال النحاس رَدًّا عليه: "وهذا من الشذوذ التى جاء القرآن بخلافها". إعراب القرآن ٣/ ٢١١. (٢) ينظر: كتاب سيبويه ٤/ ١٦٤، الأصول لابن السراج ٢/ ٣٨١، الزاهر لابن الأنباري ٢/ ٣٦٩، جمل الزجاجي ص ٢٧٧، إعراب ثلاثين سورة ص ٤٤، أمالِيُّ ابن الشجري ٢/ ٥٤٥، وغيرها. (٣) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٣، زاد المسير لابن الجوزي ٩/ ٤، لباب النقول ص ٢٠٨، الدر المنثور ٦/ ٣٠٥. (٤) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٧١. (٥) إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٦٢ - ٩٦٣.