والمعنى: أن صلاة الليل أشَدُّ على المُصَلِّي من صلاة النهار؛ لأن الليل للنوم، وذلك أن الإنسان إذا نامَ لَمْ يَدْرِ مَتَى يَسْتَيْقِظُ (١)، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأتَكَ عَلَى مُضَرَ"(٢).
فمن كَسَرَ الواوَ ومَدَّ نَصَبَهُ على المصدر، يقال: واطَأْتُ فُلَانًا على كذا مُواطَأةً وَوِطاءً: إذا وافَقْتَهُ عليه، ومنه قوله تعالى:{لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}(٣)، ومَنْ فَتَحَ الواوَ وقَصَرَ نَصَبَهُ على البيان (٤).
قوله:{وَأَقْوَمُ قِيلًا} يعني: قَوْلًا؛ أي: وَأشَدُّ استقامةً، وأصْوَبُ قِراءةً وعِبادةً، وأتَمُّ إخْلاصًا وبَرَكةً، وهو منصوب على التفسير.
قوله: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)} قرأه العامة بالحاء المهملة غير المعجمة، يعني: فَراغًا وَسَعةً لِنَوْمِكَ وَتَصَرُّفِكَ في حَوائِجِكَ، وأصل السَّبْحِ: سُرْعةُ الذَّهابِ، ومنه السباحة في الماء لِتَقَلُّبِ السّابِحِ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وفَرَسٌ سابِحٌ: إذا كان شَدِيدَ الجَرْيِ (٥)، قال الشاعر:
(١) هذا القول حكاه الفراء عن بعضهم في المعانِي ٣/ ١٩٧، وينظر: الحجة للفارسي ٤/ ٧١. (٢) هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي هريرة في المسند ٢/ ٢٧١، ٤١٨، ٤٧٠، ٥٠٢، ٥٢١، والبخاري في صحيحه ١/ ١٩٥ كتاب الأذان: باب "يهوي بالتكبير حين يسجد". (٣) التوبة ٣٧. (٤) المؤلف في قوله هذا مُتابِعٌ لِمَكِّيِّ بن أبِي طالب، فقد قال مكيٌّ: "مَنْ فَتَحَ الواوَ نَصَبَهُ على البيان، ومَنْ كَسَرَها وَمَدَّ نَصَبَهُ على المصدر". مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤١٨، وهذا وهم من كليهما، فإنه منصوب على التمييز على القراءتين، وينظر: الدر المصون ٦/ ٤٠٤. (٥) قاله الأزهري في التهذيب ٤/ ٣٣٨، وينظر: الصحاح ١/ ٣٧٢، الكشف والبيان ١٠/ ٦٢، الوسيط ٤/ ٣٧٤.