وقيل (١): هو غُسالةُ أجْوافِ أهْلِ النار، وكُلُّ جُرْحٍ ودَبَرٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ منه شَيْءٌ فهو غِسْلِينٌ، أي: فِعْلِينٌ من غَسْلِ الجِراحِ والدَّبَرِ (٢).
قال ابن عباس (٣): لو أن قطرة من الغِسْلِينِ وقعت في الأرض لأفْسَدَتْ على الناس معايشهم، وقال الضحاك والربيع (٤): هو شجر يأكله أهل النار، وذلك قوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)} المذنبون، وهم الكافرون.
قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨)} يعني: مِنْ ظاهِرِ القُدْرة {وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)} من أسرار القدرة؛ أي: ما تَرَوْنَ وما لا تَرَوْنَ، وأراد جميع المَكُوناتِ والمَوْجُوداتِ، وقيل: أراد الدنيا والآخرة، وقيل: ما في ظَهْرِ الأرض والسماء وبَطْنِهِما، وقال جعفر الصادق (٥): {بِمَا تُبْصِرُونَ} من صُنْعِي في مُلْكِي، {وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} من بِرِّي بأوليائي، وفيه تفاسير يطول شرحها هاهنا.
و"لا" في قوله: {فَلَا أُقْسِمُ} صلة، تقديره: فَأُقْسِمُ (٦){إِنَّهُ} يعني القرآن
(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٦٨، وينظر: غريب القرآن للسجستاني ص ١٦٢، اللسان: غسل. (٢) الدَّبَرُ: جمْعُ دَبَرةٍ وهي قُرْحةُ البعير والدّابّةِ، يقال: دَبِرَ البَعِيرُ يَدْبَرُ دَبَرًا. اللسان: دبر. (٣) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٣٤٨. (٤) ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٦١/ ب، الكشف والبيان ١٠/ ٣٢، المحرر الوجيز ٥/ ٣٦١، زاد المسير ٨/ ٣٥٤. (٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٣٢. (٦) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٤، وقيل: "لا" ليست صلة، ولكنها نَفِيٌ لِما ادَّعَوْهُ من أنه لا بعث، فقيل لهم "لا"، ليس الأمرُ كما تَدَّعُونَ، ثم قال: {أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}، وتُؤَيِّدُ هذا الرأيَ قراءةُ الحَسَنِ: {فَلَا أُقْسِمُ}، ينظر: كشف المشكلات ٢/ ٣٨٢، المحرر الوجيز ٥/ ٣٦٢، البحر المحيط ٨/ ٣٢١.