معترض (١)، قرأ نافع وأبو عمرو:"يُبَدِّلَهُ"(٢) بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف.
ثم نعت تلك الأزواج التي كان يُبْدِلُهُ بِهِنَّ لو طَلَّقَ نِساءَهُ، فقال:{مُسْلِمَاتٍ} أي: خاضعات للَّه بالطاعة {مُؤْمِنَاتٍ}؛ أَي: مُصَدِّقاتٍ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ {قَانِتَاتٍ}؛ أي: طائعاتٍ داعياتٍ مُصَلِّياتٍ {تَائِبَاتٍ}؛ أي: عائدات {سَائِحَاتٍ}؛ أي: يَسِحْنَ مَعَهُ حيث ساحَ، وقيل: صائِماتٍ {ثَيِّبَاتٍ} جمع ثَيِّبٍ وهي المرأة التي قد تَزَوَّجَتْ ثم ثابَتْ عن زوجها، فعادت كما كانت غَيْرَ ذاتِ زَوْجٍ {وَأَبْكَارًا (٥)} يريد: عَذارَى وهو جمع بِكْرٍ.
قال ابن عباس (٣): وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُزَوِّجَهُ بِالثَّيِّبِ آسِيةَ بنت مُزاحِمٍ امرأةَ فرعون، وبِالبِكْرِ مَرْيَمَ ابنة عمران، قال الثعلبي -رحمه اللَّه- (٤): وهذه الآية واردة في الإخبار عن القدرة لا عن الكَوْنِ في الوقت؛ لأنه عَزَّ وَجَلَّ قال:{إِنْ طَلَّقَكُنَّ}، وقد عَلِمَ أنه لا يُطَلِّقُهُنَّ، وهذا كقوله تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}(٥)، فهذا إخْبارٌ عن القدرة، وتَخْوِيفٌ لهم؛ لأنه ما فِي الوجود مَنْ هُوَ خَيْرٌ من أُمّةِ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ومحل الهاء والأزواج نصب بوقوع التبديل عليه (٦)، ونصب {خَيْرًا}
(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٦٢. (٢) قرأ نافع وأبو جعفر: {يُبْدِّلَهُ} بالتشديد، ورَواهُ اليَزِيدِيُّ عن أبِي عمرو، ورَوَى عَبّاسٌ عن أبِي عمرو: "يُبْدِلَهُ" بالتخفيف كقراءة الباقين، ينظر: السبعة ص ٦٤٠ - ٦٤١. (٣) ينظر قوله في عين المعانِي ورقة ١٣٥/ ب، ونسبه القرطبي للكلبي في تفسيره ١٨/ ١٩٤. (٤) الكشف والبيان ٩/ ٣٤٩. (٥) محمد ٣٨. (٦) يعني في قوله تعالى: {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا}، فالهاء مفعول أول، و {أَزْوَاجًا} مفعول ثانٍ، ينظر: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٤٩٠.