قوله:{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}؛ أي: تَعاوَنا على أذَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قرأ أهل الكوفة:{تَظَاهَرَا} بتخفيف الظاء على الحذف، واختاره أبو عبيد، وقرأ الباقون بالتشديد على الإدغام (١)، واختاره أبو حاتم؛ لأن الأصل "تَتَظاهَرا"، فأدغمت التاء في الظاء.
وقوله:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}؛ أي: وَلِيُّهُ وناصِرُهُ وحافِظُهُ {وَجِبْرِيلُ} وَلِيُّهُ {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} أبو بكر وعُمَرُ -رضي اللَّه عنهما-، وقيل: عَلِيُّ بن أبِي طالب -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ-، وقيل: هم المخلصون الذين ليسوا بِمُنافِقِينَ، {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤)}؛ أي: أعْوانٌ له بعد اللَّه وجبريل وصالحُ المؤمنين، قال الشاعر:
وإنما قال:{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}، ولَمْ يقل: صالِحُو ولا ظُهَراءُ؛ لأن لفظهم -وإن كان واحدًا-، فهو في معنى الجمع، وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع، كقوله:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}(٣). وارتفع
(١) قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وابن كثير وأبو جعفر ويعقوب: {تَظَاهَرَا}، وقرأ عكرمة: "تَتَظاهَرا"، وقرأ عبد الوارث عن أبِي عمرو: {تَظَّهَّرا}، وقرأ عاصمٌ وحمزةُ والكسائيُّ، ونافعٌ في روايةٍ عنه، والحسنُ وأبو رجاء وطلحةُ وخلفٌ: {تَظَاهَرَا} بالتخفيف، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٥٩، البحر المحيط ٨/ ٢٨٦، الإتحاف ٢/ ٥٤٨. (٢) البيت من الخفيف، لَمْ أقف على قائله. اللغة: قِوامُ الأمر: نظامه وعِماده، وقِوامُ الأمر أيضًا: مِلاكُهُ الذي يقوم به. التخريج: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٤١٠. (٣) النساء ٦٩، وهذا قول الفراء والأخفش وغيرهما، ينظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ١٦٧، =