قوله تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} يعني: حياة الكفار باطل وغرور؛ لأنها في غير طاعة اللَّه، وهي تنقضي عما قريب {وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} لأنهم يُزَيِّنُونَ في الدنيا دُونَ العَمَلِ للآخرة، ويُفاخِرُ الرَّجُلُ قَرِيبَهُ وجارَهُ في مالِهِ وَوَلَدِهِ، والمعنى: أنه يُفْنِي عُمُرَهُ في هذه الأشياءِ.
ثم ضرب لهذه الحياة مثلًا، فقال:{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} مفعول، يعني الزُّرّاعَ (١){نَبَاتُهُ} رفعه بفعله {ثُمَّ يَهِيجُ}؛ أي: يَيْبَسُ {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} بعد خُضْرَتِهِ ورِيِّهِ {ثُمَّ يَكُونُ} بعد ذلك {حُطَامًا} يَتَحَطَّمُ ويَتَكَسُّرُ بعد يُبْسِهِ {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ}؛ أي: لهم عذاب شديد، وقيل: هو رفعٌ خَبَرٌ لـ "في"، و {مُصْفَرًّا} نصب على الحال؛ لأنه من رُؤْيةِ العَيْنِ، نظيره في سورة الروم (٢).
قوله تعالى:{لِكَيْلَا تَأْسَوْا} أي تَحْزَنُوا {مَا فَاتَكُمْ} يعني: من الدنيا {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} يعني: بما أعطاكم اللَّهُ منها، قرأ العامة:{آتَاكُمْ} بِمَدِّ الألِفِ؛ أي: أعْطاكُمْ، واختاره أبو حاتم (٣)، وقرأ أبو عمرو
(١) قال ابن قتيبة: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}؛ أي: الزُّرّاعَ، يقال لِلزّارِعِ: كافِرٌ لأنه إذا ألْقَى البَذْرَ في الأرض كَفَرَهُ أي: غَطّاهُ". غريب القرآن ٤٥٤، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٢٠٥، ٣٦٢، تهذيب اللغة ١٠/ ١٩٩. (٢) الآية ٥١ ينظر ما تقدم ٢/ ٤٨. (٣) اختيار أبِي حاتم في الكشف والبيان ٩/ ٢٤٥، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٥٨.